أمام التوحش الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية، ولبنان وسورية، والعراق، وايران، واليمن، فلا شيء سيمنع اسرائيل من هدم المسجد الأقصى، او احتلاله أو تقاسمه، وفرض السيادة عليه.
هذا الكلام لا يعبر عن مبالغة، لأن اسرائيل اختبرت خلال اكثر من سنة رد الفعل العربي والمسلمين والعواصم الغربية امام ما تفعله، وبذريعة الحرب على تنظيم في غزة قتلت عشرات الآلاف، وشردت الملايين، وهدمت مدنا بأكملها وشطرت القطاع الى اجزاء، وواصلت ذات الطريقة في لبنان وقتلت وخدمت وتوسعت جغرافياً، ثم تمددت الى سورية واحتلت مناطق جديدة في جبل الشيخ والقنيطرة ودرعا، ودمرت الجيش السوري بكل معداته واسلحته.
لم يوقفها احد، بل سكت اغلب العرب، وربما كانوا فرحين بما يجري، لانهم لا يريدون حربا مع اسرائيل ويريدون مواصلة "المساكنة الحرام"، وربما وصولا الى الزواج الحلال ذات حين هذا على الرغم من ان الدور سيأتي على الجميع نهاية المطاف، في سياقات تأديب المنطقة، ورسم شرق اوسط جديد، تتسيد فيه اسرائيل فقط، بعد ان عبثت بمكوناته الدينية والمذهبية والعرقية.
نحن نعبر في المنطقة التوقيت الاكثر هشاشة على مستوى بنية الدول والشعوب، وقدرتها على الوقوف في وجه اسرائيل، ولن يجد الاحتلال مناخا يتكرر مثل المناخ الحالي لإكمال المخطط، اي تحييد ما تبقى من قوى مزعجة او مهادنتها بصفقة تؤدي الى التحييد ايضا، ونحن نتحدث هنا عن ايران والعراق اكثر، وهي قوى قد تميل لاختصار المواجهة في ظل اختلال مراكز القوى الدولي، او ستقود المنطقة الى مواجهة جديدة غير متوقعة اذا وصلت النار الى مركز طهران.
في ظل هذه الهشاشة فإن العين الغائبة عن القدس، لا بد ان تستيقظ، فهذه مناخات مواتية للاحتلال من اجل اكمال مخططه في القدس، حيث هي مركز المشروع الاسرائيلي في الاساس، وهذه المدينة ما تزال تحت الترسيم واعادة انتاج الجغرافيا السكانية على صعيد اكثر من ربع مليون فلسطيني يعيشون فيها، سيأتي دورهم آجلا ام عاجلا، اضافة الى ما يتعلق بالمسجد الأقصى، الذي يعد ذروة المشروع الاسرائيلي بالمعنى الديني والسياسي، وهذا التحطيم الذي سنراه في كل مكان يدمر كل سوار الحماية الشعبية للاقصى داخل فلسطين، وذات السوار الشعبي المطلوب منه ايضا حماية الاقصى في الجوار العربي، وعبر الامتداد الاسلامي.
هذا يعني ان اسرائيل في توقيت معين وبعد أن تتاكد من نتائج تمددها وحروبها الحالية على صعيد تثبيت الهشاشة في كل الاقليم، ستعود نحو مركز مشروعها، اي المسجد الاقصى، في سياق تحقيق مستهدفاتها من خلال اكثر من سيناريو تمت الاشارة اليه، ومن بين هذه السيناريوهات فرض السيادة الاسرائيلية الكاملة على الحرم القدسي في توقيت معين، واحتمال نزع الحماية الاردنية، أو مصادرة كل الارض الفارغة داخل الحرم القدسي، وإقامة كنيس، او هدم احد المسجدين القبلي او قبة الصخرة، وسيتم فرض احد هذه السيناريوهات امام عبر الكنيست والحكومة والجيش الاسرائيلي، وقد يتم التوطئة لهذه المرحلة، عبر عمل ارهابي من جانب اي قوة متشددة تقوم بالتفجير، او السطو على الموقع والتواجد فيها، وفرض التقاسم الجغرافي اولا.
في ظل هذه الحسابات، يأتي السؤال حول الذي سيمنع هدم المسجد الاقصى، وازالة اهم عنوان وعلامة وهوية دينية وسياسية لمدينة القدس، وفلسطين، وهي هوية ترتبط بما هو اعمق من مجرد مكان للصلاة، بل تعبر عن عن اتجاهات المنطقة، وهويتها الاكبر، وهوية اهلها؟!.
الاقصى غائب عن كل الحسابات، فيما هو في ذروة الخطر.