شبيها بناشطة اليمين المتطرف دانييلا فايس، التي وصلت إلى حدود قطاع غزة وتوزع الوعود حول استئناف الاستيطان هناك، فإن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قام بزيارة في قمة جبل الشيخ السوري ووعد: "نحن سنبقى في هذا المكان المهم إلى حين العثور على ترتيب آخر يضمن أمن إسرائيل. نحن سنحدد الترتيب الأفضل الذي سيضمن أمننا". هذه الزيارة الاستفزازية لنتنياهو جرت بالضبط في الأسبوع الذي قال فيه زعيم المتمردين في سورية، أبو محمد الجولاني: "قواتنا لا توجد في مواجهة مع إسرائيل، أو في موقف شن المعركة ضدها". وأن سورية ستواصل الالتزام باتفاق فصل القوات منذ العام 1974، وطلب من المجتمع الدولي الاهتمام بأن تنفذه إسرائيل. من السابق لأوانه معرفة إلى أين تذهب سورية. ولكن لا يوجد أي منطق في أن تقوم دولة إسرائيل بنشاطات تخرب جهود استقرار سورية، الوطنية والدولية، والسير بها نحو نظام ديمقراطي، أو على الأقل نظام براغماتي، يفضل الاعتماد على الدول الغربية بدلا من روسيا وإيران. عمليات القصف والعمليات العسكرية ودخول الجيش الإسرائيلي إلى المنطقة العازلة وتصريحات رئيس الحكومة ووزير الدفاع حول نية إسرائيل البقاء هناك، كل ذلك يمكن أن يستخدم لاستفزاز الجولاني بذريعة أنه "يبيع سورية بثمن زهيد"، وتوسيع الدعم للانقلاب الذي سيجلب إلى السلطة عناصرا أكثر تطرفا منه. إذا تم استئناف الحرب الأهلية في سورية بكامل القوة، فلن يكون لإسرائيل نظام الأسد، الذي عمل خلال السنين على منع التدهور إلى حرب معها. هذا الأمر سيحتاج من إسرائيل موارد وقوات كبيرة لا توجد لديها. السوريون فقط هم الذين يمكنهم تقرير مصيرهم. ولكن من أجل أن يستطيع المتمردون والفصائل المختلفة مناقشة هذا الأمر وقيادة عملية جدية للانتقال من نظام الأسد، فإن سورية تحتاج إلى "ضخ الأكسجين" الاقتصادي، الذي سيمكن من توفير الحد الأدنى من استقرار الوضع. في أماكن أخرى التي لم يتم تقديم مساعدات اقتصادية دولية مهمة فيها، وبسرعة فإن جهود إزاحة الديكتاتور ذهبت هباء، وهذه الدول دخلت إلى دوامة انقلابات وديكتاتوريات وحروب أخرى. الجولاني دعا الدول الغربية إلى رفع جميع العقوبات التي فرضت في عهد نظام الأسد، ولا سيما عليه هو نفسه وعلى التنظيم الجهادي الذي يترأسه (هيئة تحرير الشام). الدول الغربية معنية بالتخلص من اللاجئين السوريين، وهي تتلمس الطريق إلى الجولاني، لكن المجتمع الدولي تعود على التقدم ببطء في مثل هذه الحالات، ولا سيما عندما لا تكون هناك قيادة واضحة من جانب الولايات المتحدة. بدلا من القيام باستفزازات خطيرة، يمكن لإسرائيل أن يكون لها دور إيجابي في هذا المفترق الحاسم الذي توجد فيه سورية، من خلال قدرتها على إقناع إدارة بايدن التاركة وإدارة ترامب المقبلة بالعمل على إرسال المساعدات الاقتصادية الفورية إلى سورية. الجولاني هو من قاد المتمردين إلى النصر، وفي هذه المرحلة يبدو أنه يفضل إقامة تحالف مع الدول الغربية. بدلا من التحدث من فوق قمة جبل الشيخ مع "قاعدته" يجب على نتنياهو التحدث ومن دون تأخير مع إدارة بايدن وترامب وأعضاء الكونغرس الأميركي، والشرح لهم أن استقرار سورية له أولوية عليا بالنسبة لدولة إسرائيل.