عمان- لو طلب من فريق آرسنال اختيار لاعب واحدٍ يستطيع أن يُكمل موسمه الكامل دون التعرّض لأي إصابة تذكر، فإن بوكايو ساكا سيكون في طليعة القائمة، أو على الأقل في المركز الثاني ضمن أهمية هذا الاختيار. ففي عرف الكثيرين ممن يتابعون النادي اللندني العريق، يبدو أنّ ساكا يجسد المعنى الحقيقي للاعب الذي يتمتع بقدرة هائلة على تحمل ضغط المباريات المتتالية، مع صعوبة استبداله أو تعويضه بنفس الجودة، نظرا لأهميته الفنيّة والتكتيكية، فضلا عن موهبته اللافتة التي منحت المدرب ميكيل أرتيتا أسبابا وجيهة للاعتماد الدائم عليه. كان أرتيتا يعيش فترة مريحة نسبيا في المواسم السابقة من ناحية عدم تعرض لاعبه الأساسي لإصابات طويلة الأمد، إذ استطاع ساكا طوال السنوات الماضية أن يتجنب حظوظ الغياب الطويل ويقدم مستويات جعلت منه أحد الأعمدة الرئيسة للفريق. وفي الأرقام ما يؤكد ذلك بكل وضوح. فعلى مدى المواسم الثلاثة الماضية، لم يغب ساكا سوى عن عشرة لقاءات فقط من بين 172 مباراة خاضها آرسنال على مختلف الصعد والمسابقات (الدوري الإنجليزي الممتاز، كأس الاتحاد الإنجليزي، كأس الرابطة، والبطولات الأوروبية). بل وأكثر من ذلك، منذ أن شارك للمرة الأولى في الدوري الإنجليزي الممتاز قبل ستة مواسم، لم يحدث أن غاب لأكثر من مباراة واحدة متتالية في منافسات البريميرليج بسبب الإصابة. وتلك الإحصاءات تظهر مدى تحمّل ساكا وصلابته البدنية وقدرته الواضحة على التواجد الدائم. ولأن آرسنال بشكل عام لا يعتاد على خوض المباريات دون وجود ساكا متاحا في التشكيل، فإن الوضع الراهن يبدو صعباً نوعاً ما، في ظل تعرض النجم الإنجليزي لإصابة في أوتار الركبة، والتي ستبعده عن الملاعب لفترة توصف بأنها "أسابيع عديدة" حسب البيان الصادر عن النادي. هذه الضربة القاسية أثارت قلق الجميع في النادي وبين أنصار آرسنال، وذلك لأنّ هذا الغياب يمسّ عنصراً رئيساً يعتمد عليه الفريق في تنفيذ إستراتيجية المدرب أرتيتا على أرض الملعب. لا تكمن أهمية ساكا في مهاراته الفردية فقط أو في تكتيكه وقدرته على المراوغة وتمرير الكرات الحاسمة وتسجيل الأهداف، بل أيضا في اعتمادية الفريق الشاملة عليه. فلو جرى فحص الأرقام الفنية لهذا اللاعب، سنكتشف أنّه يتفوق على معظم زملائه في ما يتعلق بالمساهمة المباشرة بالأهداف (من حيث التسجيل والصناعة). وفي نطاق الدوري الإنجليزي الممتاز بأكمله، لا ينافسه الكثير من اللاعبين في مقدار التأثير الذي يخلفه على نتائج فريقه. لكن دور ساكا لا يتوقف عند حدود الناحية الهجومية فقط؛ فهو يمثل محورا مفصليا في طريقة تحضير آرسنال وتقدّمه بالكرة من الخلف إلى الأمام، خصوصاً أنه على مدى المواسم الأربعة السابقة، إذا قمنا بحساب إجمالي الدقائق التي شارك فيها ثلاثي الهجوم الأساسي في آرسنال، فسنجد أن دقائق ساكا تجاوزت مجموع الدقائق التي قضاها اللاعبان الأكثر مشاركة بعده في مركز الهجوم. وفضلا عن ذلك، يكلف ساكا بمسؤوليات إضافية لا تقل أهميّة في الكرات الثابتة والركلات الركنية، وذلك جنبا إلى جنب مع ديكلان رايس. وقد أظهر آرسنال هذا الموسم وحتى المواسم الماضية، براعة ملحوظة في استغلال الكرات الثابتة، ما جعله في مقدمة الأندية الأوروبية من حيث تسجيل الأهداف من المواقف الثابتة أو صناعتها بطريقة تصعب على الخصوم الدفاع بكفاءة. ولعل المنهجية الهجومية التي يتبعها آرسنال توضح مدى اعتماده على الجبهة اليمنى التي تشكل "إقليم ساكا" إن صح التعبير؛ فبحسب الأرقام، تتركز قرابة خمسين بالمئة من هجمات الفريق في النصف الهجومي الأيمن من الملعب، أي في المنطقة التي يبدع ساكا فيها. و