كزافييه غينيار* - (أوريان 21) 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2024
أمام حجم الدمار البشري والمادي الذي لحق بغزة، التي أصبحت عمليًا غير صالحة للسكن، تشتد الحاجة إلى حلول سياسية تلوّح بها العديد من الدول مع تورط إسرائيل في حرب لا نهاية لها. ومن بين الحلول المطروحة، بالإضافة إلى إعادة إطلاق عملية التفاوض، كثيراً ما تُطرح فكرة عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة بعد أن ظل القطاع خارجاً عن سيطرتها منذ 2007. لكن هذا الحل غير عملي على الإطلاق.
* * *
أُنشئت السلطة الفلسطينية في أيار (مايو) 1994 بموجب ما يسمى باتفاق "غزة-أريحا"، أو "أوسلو 1"، الذي حدد صلاحيات "السلطة" بتحقيق مفهوم الحكم الذاتي والمؤقت. وتم في الاتفاق تحديد فترة خمس سنوات -أي حتى 4 أيار (مايو) 1999- لتمكين الأطراف من إحراز تقدم في المفاوضات والتقرير بشأن الوضع النهائي للسلطة الفلسطينية. لكن جميع القضايا الحساسة (إقامة الدولة، وضع القدس، ترسيم الحدود، حق العودة للاجئين، المستوطنات، وتقاسم الموارد الطبيعية وما إلى ذلك) تم تأجيلها عمداً. وفي غياب التوصل إلى الاتفاق النهائي، أصبحت حكومة الحكم الذاتي المؤقتة هذه دائمة، من دون أن يؤدي وجودها مع ذلك إلى إقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة التي أنشئت من أجلها.
خمس سنوات أصبحت ثلاثين سنة لسلطة بلا سيادة؛ وأربع سنوات ستصبح قريبًا عشرين سنة لرئيس للسلطة بلا شرعية. كان قد تم انتخاب محمود عباس، الذي كان رئيس الوزراء سابقًا لياسر عرفات وعضو حركة "فتح" في كانون الثاني (يناير) 2005، لولاية مدتها أربع سنوات، وتم تمديدها إلى أجل غير مسمى إلى أن يتم تنظيم انتخابات جديدة تم تأجيلها باستمرار. وقبل هجمات "حماس" في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 بوقت طويل، كان الفلسطينيون في الأراضي المحتلة يعانون من سلسلة من الأزمات السياسية المتلاحقة: الانقسام الفلسطيني منذ العام 2007؛ إلغاء الانتخابات؛ تفاقم النزعة التسلطية؛ استمرار وتعزيز الاستعمار وحصار غزة؛ وأخيراً التهميش الإقليمي للقضية الفلسطينية. كيف يمكننا إذن تصور أن إحدى المشاكل الرئيسية في الحياة السياسية في الأراضي الفلسطينية -ديمومة السلطة الفلسطينية بشكلها الحالي- يمكن أن تجسد الحل المناسب عندما سيتوقف أخيراً تدمير غزة؟
عن أي سلطة نتحدث؟
يشكل ما نسميه عادة "اتفاق أوسلو"، في الواقع، سلسلة من الاتفاقيات التي لم تسمح أبدًا بإنشاء دولة فلسطينية. وبدلًا من أن تحل محل الإدارة العسكرية الإسرائيلية للأراضي المحتلة، أصبحت السلطة الفلسطينية مضافة إليها في الواقع.
عملياً، لا يشكل الحكم الذاتي غرفة انتظار للسيادة، بل هو بديلها الأسوأ. من ناحية، حصلت السلطة الفلسطينية على الحق في إنشاء هيئات من الموظفين وممارسة نفوذها على سكان الأراضي المحتلة. ومن ناحية أخرى، تسهم إسرائيل منذ ثلاثة عقود في الإبقاء على وجود إدارة فلسطينية غير قادرة على إحباط طموحاتها الاستعمارية.
بعيدًا عن تقسيم الأراضي، وضعت اتفاقيات أوسلو أسس العلاقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، والتي ما تزال مستمرة حتى يومنا هذا. وهي علاقة تقوم أساسًا على ركيزتين: التعاون الأمني؛ والتبعية الاقتصادية. منذ احتلال الأراضي الفلسطينية في العام 1967، تسيطر إسرائيل على النشاط الاقتصادي الفلسطيني. ويتم الإبقاء على الأراضي المحتلة في دور المناول، وهي تمتص فائض الإنتاج الإسرائيلي.
ما يزال "التعاون الأمني" تعبيرًا يحتل مكانة مهمة في النقاش العام، لدرجة أن السلطة الفلسطينية تهدد بانتظام بتعليقه عندما تريد التعبير عن رفضها للسياسة الإسرائيلية، من دون أن يكون لذلك تأثير يذكر. ومن المؤكد أن