قتل الجيش الإسرائيلي أول من أمس، طفلين ابني ثمانية وعشرة أعوام في هجوم لمسيرة في قرية طمون، قرب نابلس. لم يكن هذا ردا على هجوم حماس في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الذي تستخدمه دولة إسرائيل منذئذ كذريعة لسياسة النار لديها في قطاع غزة، بل في إطار دعوات اليمين الاستيطاني لتحويل مناطق الضفة الغربية إلى غزة. وحسب الجيش الإسرائيلي كان هجوم المسيرة موجها إلى عبوات ناسفة.
حسب معطيات الجيش الإسرائيلي، فمنذ بداية الحرب شن 110 هجمات من الجو في الضفة الغربية، وكنتيجة لها قتل 220 فلسطينيا. لكن بالنسبة لليمين الاستيطاني حتى هذا لا يكفي، إلى أن تبدو الضفة مثل قطاع غزة وكل الفلسطينيين بصفتهم هذه – سواء أكانوا (ماقومي( حماس أم هم أبطال تورطوا في المنطقة – سيكونون بمثابة أهداف يجب قتلهم، فإنهم لن يهدأوا.
رؤية اليمين الاستيطاني صاغها ممثلهم في الحكومة – الوزير بتسلئيل سموتريتش. في أعقاب عملية النار في الفندق التي قتل فيها رجل وامرأتان، صرح سموتريتش منطقة "الفندق في نابلس وجنين يجب أن تبدو كجباليا، كي لا تكن كفار سابا كفار عزة". واستغل بعض رؤساء السلطات المحلية في المناطق العملية الفتاكة في الفندق كي يطالبوا الحكومة والجيش بأن تفتح إسرائيل ساحة حرب أخرى في الضفة، وأن تنزع "قفازات الحرير". طلبوا وتلقوا.
إن محاولة وصف المعاملة للفلسطينيين في الضفة كمعاملة بقفازات من حرير هي محاولة سخيفة. فليست أعمال الجيش الإسرائيلي فقط في البر وفي الجو، بل أيضا عنف المستوطنين يحطم أرقاما قياسية – سواء أكانت هذه جماعات أهلية فلسطينية تضطر إلى أن تخلي مواقعها في أعقاب تنمر المستوطنين أم هي جولات فتك واعتداءات جماعية.
لكن كل هذا لا يعني من يريدون أن يروا في الضفة أيضا طردا للسكان وهدما لمبان كاملة وبنى تحتية: من يرون الصور من قطاع غزة المقصوف والمعطيات عن عشرات آلاف القتلى، ويغارون. يغارون من قطاع غزة، حيث يسيطر الإجماع بأنه لا يوجد هناك أبرياء. يوم الثلاثاء الماضي قال النائب موشيه سعادة: "لا مشكلة لدي أن يموت أطفال في غزة". من ناحيته، فإن "الطريق الوحيد لإعادة الأمن هو مواصلة الحصار على غزة. خطأنا هو أننا لم نعمل هكذا حتى اليوم". وزير الدفاع، إسرائيل كاتس، وعد المستوطنين بأن تعمل إسرائيل بقوة وشدد: "لن نحتوي ولن نعتاد الفعل الفلسطيني. دم اليهودي لن يكون سائبا".
لكن ماذا عن دم الأطفال الفلسطينيين؟ هذا لم يعد يعني أحدا في دولة إسرائيل. محظور السماح لليمين الاستيطاني بجر الدولة إلى حرب جوج وماجوج انطلاقا من الفكر، بأن هكذا سيأتي الخلاص. محظور تنفيذ إرادة اليمين الاستيطاني "لجعل الضفة قطاع غزة".