لبنان- اعتبر محللون أن نجاح لبنان في انتخاب رئيس للبلاد بعد عامين من الفراغ الرئاسي يمثل انتصارا لمفهوم الدولة على نفوذ "الدويلة". وقال الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون أمام مجلس النواب بعد جلسة ثانية من التصويت لانتخابه أمس إنه سيعمل على أن يكون حق حمل السلاح مقتصرًا على الدولة، وذلك في أول كلمة يلقيها أمام البرلمان بعد دقائق من انتخابه. وقد تم انتخاب عون في جولة ثانية من التصويت بعد أن أدلى نواب من جماعة حزب الله وحليفتها حركة أمل بأصواتهم لصالحه. واعتبرت تعليقاته بشأن حق حمل السلاح إشارة جزئية إلى ترسانة حزب الله، التي لم يعلق عليها علنًا عندما كان قائدًا للجيش. ولم يذكر عون في خطابه "المقاومة" لفظا، في تغير واضح يشير إلى رغبته في عودة القرار السياسي والعسكري إلى الدولة اللبنانية. وجاء انتخاب عون رئيساً للجمهورية اللبنانية في أعقاب أجواء سياسية مشحونة وصراعات حادة بين القوى السياسية والطائفية، في وقت تواجه فيه البلاد واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية والمالية والأمنية في تاريخها الحديث، وعقب حرب مدمرة مع الاحتلال الإسرائيلي لم تضع أوزارها بشكل نهائي بعد، تاركة البلاد في حالة من الترقب والاضطراب. نجاح عون في الحفاظ على المؤسسة العسكرية كصمام أمان في ظل الانهيار السياسي والاقتصادي في البلاد، عزز مكانته كقائد يحظى باحترام داخلي وخارجي، وقد نجح في الحفاظ على التوازن وتجنب التصعيد مع حزب الله، كما اكتسب تقدير الدول العربية، التي رأت فيه شخصية قادرة على المساهمة في استقرار لبنان. انتخاب عون رئيساً، خطوة يأمل اللبنانيون أن تكون بداية لمرحلة جديدة من الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني. من جهة أخرى، يمثل انتخابه بالنسبة للمجتمع الدولي خطوة نحو تثبيت الاستقرار في لبنان وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب اللبناني، لاسيما القرار 1701 ورأى الكاتب والمحلل السياسي ألان سركيس، "أن انتخاب العماد جوزيف عون رئيسا للجمهورية يشكل انتصارا لمشروع الدولة، إذ يعيد انتخابه الموقع الأول في الدولة بعد فترة طويلة من الفراغ". وأشار سركيس إلى أن عون، القادم من المؤسسة العسكرية، يرمز إلى الالتزام بمشروع الدولة في مواجهة مشروع الدويلة. وقال سركيس: مع انتخاب رئيس للجمهورية، سيتم تشكيل حكومة جديدة واستعادة تنظيم البلاد، مما يجعل مشروع الدولة الرابح الأول. وأضاف "أن انتخاب جوزيف عون يعزز تنفيذ القرارات الدولية، لا سيما القرار 1701، الذي وافقت عليه الحكومة اللبنانية، إلى جانب تطبيق الدستور اللبناني واتفاق الطائف". وأوضح "أن تطبيق هذه القرارات تعني انتصارا إضافيا لمشروع الدولة، لا سيما من خلال جمع السلاح خارج سلطة الدولة، بدءاً من جنوب الليطاني ليشمل كافة الأراضي اللبنانية، ما يعزز سيطرة الدولة على كامل التراب الوطني". وشدد سركيس على "أن العماد جوزيف عون يحظى بدعم دولي وعربي لتنفيذ اتفاق الهدنة والقرارات الدولية، ما يجعله رجل دولة قوياً يمتلك الخبرة اللازمة بحكم عمله في المؤسسة العسكرية". ولفت إلى "أن سجل عون في مكافحة الفساد وإدارته للمؤسسة العسكرية يشكل نموذجا لرجل دولة من الطراز الأول". وقال سركيس إن قدوم جوزيف عون إلى سدة الرئاسة يضع حجر الأساس لاستعادة الدولة اللبنانية دورها وسلطتها، مما يساهم بشكل مباشر في إضعاف مشروع الدويلة وبناء مدماك الدولة القوية". وبدوره قال المدير التنفيذي لملتقى التأثير المدني زياد الصائغ إن لبنان يعيش اليوم لحظة مفصلية تاريخية حيث الصراع قائم بين وجهات نظر: إما إطلاق مسار بناء الدولة، أو الاستدامة في مسار اللادولة. وأضاف: "بهذا المعنى، تبدو ال