كثر الحديث بالآونة الأخيرة عن تعديل قانون الإدارة المحلية رقم (22) لسنة 2021 والذي يلاحظ من عنوانه أنه قانون حديث لم يكمل عمر مجلس نيابي واحد منذ العمل به منذ نشره بالعدد 5746 بالجريدة الرسمية بتاريخ 23 أيلول 2021. وقد جاء القانون ليحل محل كل من قانون البلديات رقم (41) لسنة 2015 وقانون اللامركزية رقم (49) لسنة 2015 حيث يعبر تكرار التعديل عن عدم الإستقرار التشريعي في أحد أهم المجالات التي تحكم التنمية المحلية بالأردن، فما السبب.
لقد تناوب على موقع وزارة البلديات منذ تأسيسها بالعام 1965 (48) وزير، أي قرابة وزير كل سنة، لم يجرأ أي منهم الإقتراب من أهم قانون يحكم العمل البلدي والإقليمي بالأردن ألا وهو قانون تنظيم المدن والقرى والأبنية الأردني المؤقت رقم (79) لسنة 1966، أو ما يعرف بقانون التنظيم، وحسناً فعلت الحكومات والمجالس النيابية المتعاقبة بتاخير التعديل لأن فتح هذا القانون للنقاش يتطلب وجود منظومة تشريعية ناضجة وقادرة على إدخال تعديلات إصلاحية محبوكة.
يقسم قانون التنظيم التخطيط المكاني إلى ثلاث مستويات، حيث تنص المادة (3) على إعداد مخططات إقليمية شاملة تهدف إلى تنسيق وتنظيم استخدام الأراضي والموارد الطبيعية على مستوى الإقليم، وتشمل هذه المخططات الأقاليم الكبيرة مثل المحافظات أو المناطق الجغرافية الواسعة، وتحدد المخططات الإقليمية توزيع السكان، المشاريع الكبرى، البنية التحتية الإقليمية، مثل شبكة الطرق والنقل السككي، وإستغلال الموارد. المستوى الثاني هو التخطيط الهيكلي، حيث ألزمت المادة (13) البلديات بإعداد مخططات هيكلية تُعنى بتحديد اتجاهات النمو العمراني، إستخدام الأراضي، وتطوير الخدمات العامة داخل حدود البلديات، وتُغطي هذه المخططات مناطق الإسكان، والمناطق التجارية والصناعية، المرافق العامة (مثل الطرق، المدارس، الحدائق). المستوى الثالث هو التخطيط التفصيلي، حيث حددت المادة (14) إعداد مخططات تفصيلية لتحديد التفاصيل الدقيقة للاستخدامات الأرضية على مستوى القطعة الواحدة، وتشمل هذه المخططات تقسيم الأراضي إلى قطع فردية، وتحديد شبكة الطرق الفرعية، وتخصيص المرافق الصغيرة (مثل مواقف السيارات، المساحات المفتوحة).
العلاقة بين المستويات الثلاثة تحددها المادة (16) والتي تنص على أن المخططات التفصيلية يجب أن تتماشى مع المخططات الهيكلية، وأن تكون الأخيرة متوافقة مع المخططات الإقليمية، الهدف هو تحقيق التكامل والتنسيق بين المستويات المختلفة للتخطيط. لقد أبتعدت الدولة الأردنية عن النهج التخطيطي الذي جاء بقانون التنظيم، حيث ادخلت مفهوم المناطق التنموية بالعام 2008 فتأسست بموجب قانون المناطق التنموية والمناطق الحرة رقم (2) لسنة 2008 ست مناطق تنموية في كل من معان والبحر الميت وإربد التنموية والمفرق والكرك والطفيلة. لقد جاء تنفيذ هذه المناطق بمعزل عن قانون التنظيم، ممل سلخها عن المستويات الثلاثة الواردة بقانون التنظيم، فلا كانت جزء من إقليم تراعي الميزة التناقسية للإقليم، ولا كانت جزء من المخططات التفصيلية لأنها كانت خارج حدود وسلطة البلديات، ولا كانت جزء من التخطيط التفصيلي لأنها إتبعت إستعمالات أراضي وأنظمة بناء خاصة بها. صحيح أن الغرض كان التحرر من القيود التنظيمية والإدارية التي تفرضها المستويات الثلاثة الواردة بقانون التنظيم، لتشجيع الإستثمار، ولكننا بحاجة الى وقفه تقيمية صريحة للنظر فيما إذا تمكنت هذه المناطق التنظيمة من تحقيق أهدافها، وجوابي على ذلك هو أننا لم نحصل على عنب الشام ولا على بلح اليمن.
وعودة الى الحديث عن النية أو الإجراءآت المتخذة لتشكيل لجنة لمن