م. فادي سوداح عمان- على مدار القرون، كانت العملات المعدنية وسيلة تبادل أساسية للحصول على السلع والخدمات. لاحقًا، ظهرت الأوراق النقدية لتكمل هذا النظام. النقود التقليدية توفر مستوى عاليا من الخصوصية؛ فعند الدفع نقدًا، يظل الفرد مجهول الهوية إلى حد كبير، خاصة إذا لم يكن معروفًا شخصيًا للبائع أو لم يكشف عن تفاصيل المشتريات لأي طرف آخر. ومع ذلك، في العصر الحديث، بدأت هذه الوسائل التقليدية تفقد مكانتها تدريجيًا لصالح طرق الدفع الإلكترونية. أصبح من السهل الآن ببساطة تمرير ساعة ذكية أو الهاتف المحمول أمام جهاز دفع لتسديد قيمة المشتريات، مما يلغي الحاجة إلى حمل النقود المعدنية أو الورقية. تقدم وسائل الدفع الإلكترونية خيارات واسعة تشمل التحويل البنكي، بطاقات الخصم والائتمان، العملات الرقمية،خدمات الدفع الرقمي، وخدمات أخرى. رغم مزايا وسائل الدفع الإلكترونية مثل السهولة والسرعة، تظل هناك تحديات تتعلق بالخصوصية والأمان. بينما توفر طرق الدفع الإلكترونية خيارات أكثر راحة وملاءمة، إلا أنها تتطلب مشاركة أوسع للبيانات الشخصية. مع تزايد الاعتماد على الدفع الإلكتروني، تبرز الحاجة الملحة لتحسين مستويات الأمان وتعزيز الخصوصية لحماية المستخدمين من مخاطر التتبع أو الاختراق. عند استخدام وسائل الدفع الإلكترونية، غالبًا ما تُشارك البيانات الشخصية مع مزودي الخدمات، المتاجر، وحتى الجهات الحكومية، مما يؤدي إلى تقليل مستوى الخصوصية الفردية. علاوة على ذلك، تواجه هذه الوسائل تحديات أمنية متعددة، حيث يمكن للهجمات الإلكترونية، مثل التصيد الاحتيالي، أن تستهدف الحسابات الإلكترونية، مما يزيد من احتمالية فقدان الأموال مقارنة بالدفع النقدي. بالطبع، الدفع باستخدام الساعة الذكية أو البطاقة أو جهاز الهاتف المحمول أكثر عصرية وراحة. لكن، بأي ثمن؟ السؤال هنا: ما البديل الليبرالي المكافئ للنقد الذي يوفر مستوى الخصوصية نفسه؟ مع تزايد القوانين واللوائح الصارمة التي تحكم كل أشكال الدفع غير النقدية، هل يمكن أن يؤدي غياب بديل إلكتروني مجهول ومقبول إلى عودة استخدام النقد كخيار أساسي؟ الخصوصية التي يوفرها النقد لا مثيل لها، ولكن مع التحول الرقمي، أصبحت المؤسسات المالية وحتى الدول تمتلك قدرة أكبر على مراقبة وتحليل الطريقة التي ندير بها مواردنا المالية. في ظل هذه التحولات، برزت العملات الرقمية، وعلى رأسها البيتكوين Bitcoin، كأحد البدائل المحتملة التي تثير جدلاً واسعاً. فهي من جهة تمثل وسيلة دفع واعدة للمستقبل، ومن جهة أخرى تثير مخاوف بشأن استخدامها لأغراض غير قانونية. ومع ذلك، تزايدت الرقابة والتنظيمات حول العملات المشفرة، حيث أُدخلت تعديلات على القوانين المالية في العديد من الدول لضمان أن تكون هذه العملات تحت إشراف الجهات الرقابية، مما يفتح المجال لمزيد من التساؤلات حول أمان وخصوصية هذه البدائل الرقمية. قبل التطرق إلى الحفاظ على الخصوصية عند التداول باستخدام البيتكوين Bitcoin، يجب أولاً توضيح التعريف المستخدم. تُفهم الخصوصية على أنها قدرة الفرد أو المجموعة على إخفاء أنفسهم أو المعلومات المتعلقة بهم، والتعبير عن أنفسهم بالطريقة التي يرغبون بها. وبشكل محدد فيما يتعلق بالمال، يبرز مكونان رئيسيان للخصوصية Privacy: إخفاء الهوية Anonymity والشفافية Transparency. يمكن تمثيل التفاعل بين الخصوصية وإخفاء الهوية والشفافية بالصيغة الرياضية الآتية P = A / T، وبالتالي، تكون الخصوصية في أعلى مستوياتها عندما يكون إخفاء الهوية في ذروته والشفافية في أدنى مستوياتها. الشفافية في العملات الرقمية تعني أن جميع المعام