المقدمة يعد الأردن، الواقع شرق نهر الأردن، جزءًا لا يتجزأ من الفضاء التاريخي والثقافي والديني لما يسمى إسرائيلياً ويهودياً (أرض إسرائيل) كما يصورها التراث اليهودي والصهيوني. ومنذ بداياتها، لم تغفل الحركة الصهيونية عن أهمية شرق الأردن، خاصة ضمن التيارات اليمينية التي أكدت فكرة "أرض إسرائيل الكاملة". ويهدف هذا المقال المطول إلى دراسة التصور الصهيوني للأردن وفقًا للتقاليد اليمينية، مع التركيز على أفكار زئيف جابوتنسكي وتأثيرها على الحركة الصهيونية، إلى جانب آراء الدكتور أفشالوم كور، البروفيسور إسرائيل فنكلشتاين، والباحث زئيف جابّو إيرليخ. جذور الحركة الصهيونية والارتباط بالأردن ظهرت الحركة الصهيونية في نهاية القرن التاسع عشر كرد فعل على تصاعد ما يسمى معاداة السامية في أوروبا، وكجزء من السعي لإحياء الوطن القومي اليهودي في "أرض إسرائيل". ورغم أن معظم الجهود تركزت على الجانب الغربي من نهر الأردن، إلا أن شرق الأردن بقي جزءًا لا يتجزأ من الخريطة الفكرية للصهيونية. زئيف جابوتنسكي ورؤية "أرض إسرائيل الكاملة" يُعد زئيف جابوتنسكي، زعيم الحركة الصهيونية التصحيحية، أحد أبرز مفكري التيار اليميني في الحركة الصهيونية. كان يرى أن الأردن جزء من "أرض إسرائيل" التاريخية التي تمتد على جانبي نهر الأردن. في مقالاته وخطاباته، أكد جابوتنسكي أن الحق في "أرض إسرائيل"، بما في ذلك شرق الأردن، هو حق تاريخي وأخلاقي للشعب اليهودي. وتضمنت فكرة "الجدار الحديدي" التي طرحها، والمرتكزة على بناء دولة يهودية قوية ذات حدود دفاعية، شرق الأردن كجزء حيوي من مستقبل الأمة اليهودية. الأردن في التراث اليهودي: أهمية شرق الأردن في التوراة وفقًا للتراث اليهودي، كان شرق نهر الأردن جزءًا من الممالك التاريخية لإسرائيل. وتعتبر هذه المناطق الأراضي التي منحت للقبائل اليهودية رأوبين، جاد، ونصف قبيلة منشيه خلال فترة الاستيطان في "أرض إسرائيل". وقد استخدمت الحركة الصهيونية هذا السرد لتبرير الارتباط التاريخي للشعب اليهودي بشرق الأردن، خاصة في التقاليد اليمينية. الدكتور أفشالوم كور: رؤية لغوية وثقافية يشدد الدكتور أفشالوم كور، الباحث في اللغة العبرية والثقافة اليهودية، في جامعة تل أبيب، على الأهمية الثقافية والتاريخية لشرق الأردن في التاريخ اليهودي. وفي محاضرة ألقاها في جامعة تل أبيب، أشار كور إلى العديد من الإشارات التوراتية لشرق الأردن كدليل على الارتباط الوثيق بين الشعب اليهودي وهذه المنطقة. ووفقًا له، فإن اللغة العبرية نفسها تحتفظ بأدلة على أسماء الأماكن والشعوب التي سكنت شرق– نهر- الأردن، مثل مؤاب وبني عمون، مما يعزز الرابط الثقافي لليهود مع المنطقة. في برنامجه اليومي الصباحي على إذاعة الجيش الإسرائيلي "غاليه تساهل" يقول د. افشالوم كور: طعم أنهار بابل والنظرة إلى الفتيات الغريبات في أمستردام بعد أن جاء اليهود لتشجيع فريق "مكابي تل أبيب"، وهذا أمر محزن للغاية، لأنه في وسط أمستردام تمر قناة كبيرة تُدعى "يوردان"، أي الأردن، بجانبها حي يُعرف أيضاً باسم "يوردان". التحوّل اللغوي من "الأردن" إلى "يوردان" حدث على ألسنة اليهود في (أرض إسرائيل) قبل حوالي ألفي عام، ولم يكن فقط في كلمة "الأردن"، حيث تغيّر الحرف "أ" إلى "أو". ويظهر هذا بشكل مفاجئ في المخطوطات اليدوية. من الأمثلة الجيدة لذلك في مخطوطات "المشناه".... وصلنا إلى كل هذا لأن القناة الكبيرة في أمستردام تُدعى "قناة يوردان"، وقلنا إنها مستوحاة من نهر الأردن. ليس فقط المسلمون في أمستردام يجب أن يدركوا كم نحن أساس للثقافة العالمية، بل أيضاً كل محبي كرة ا