عمان - تتكرر الملفات الأردنية الداخلية منذ سنوات طويلة، حتى أصبحت موسمية تعيد نفسها وحضورها في توقيت محدد لها، وحسب الظروف الموضوعة بها.
معاودة ذات الأزمات صعودا وهبوطا، تطل على الطاولة الأردنية كـ"دوامة لا نهائية"، يتفاعل معها الشارع بحماسة أحيانا ورتابة في أغلبها، يعبر بعضها بنهاية مفتوحة دون نقطة النهاية بل نقطتين لتتمة القصة لاحقا.
مؤخرا، خرج الأردنيون من النقاش الذي دار عن قصص الفساد التي ظهرت في تقرير ديوان المحاسبة، حتى علت أصوات متضررين من أزمة التوقيت الشتوي، وجدواه ومدى فعاليته مع خروج طلبة وعمال من بيوتهم قبل الفجر وعودتهم بعد العشاء، ليعيد بعض النواب المطالبة بتعديله وتثبيته، وهي أزمة عبرت على آخر خمس حكومات وربما قبل.
قضية التوقيت لا تختلف كثيرا عن أزمة "رديات الضريبة"، التي لم ترد بعد لبعض المشتركين منذ أكثر من عام، وعادت للواجهة من جديد أمام الحكومة وتحديدا عند زيارتها محافظة الزرقاء، وهي ذاتها كانت موضوعة على طاولة الحكومات السابقة.
ومنذ بداية الأسبوع، بدأ الأردنيون بمواجهة ارتفاع أسعار الدجاج في الأسواق، حتى طالب "غير النباتيين" بمقاطعتها لمواجهة أسعارها، كذلك الأمر المتعلق بارتفاع فواتير الكهرباء التي باتت تعرف بأنها "فاتورة العام"، وليس انتهاء برفع أسعار الدخان.
اقتصاديا، لا يختلف الأمر بل تفاقمت معاناة الظروف المعيشية للمواطنين، نتيجة تآكل الدخول التي لم ترتفع منذ 12 عاما، وركود الأسواق نتيجة تردي الأوضاع المعيشية، فضلا عن معضلة ارتفاع معدلات البطالة منذ عقد ونيف، والتي ما زالت معدلاتها منذ سنوات تزيد على 20 %، علاوة على اتساع رقعة الفقر الآخذة بالتمدد منذ سنوات، وسط صمت حكومي منذ العام 2018، عن كشف معدلاته، فيما أقر مجلس النواب الـ20 الموازنة العامة للبلاد التي تتكرر بصورة "العجز" والقفزات الحادة المتتالية في مستويات الدين العام منذ سنوات عجاف.
وحيال تراجع القدرة الاقتصادية، يرى الخبير الاقتصادي، سليم أبو الشعر، أن تعمق الفجوة بين معدلات دخل المواطنين واحتياجاتهم المعيشية في ظل تآكل الرواتب منذ سنوات وارتفاع الأسعار المتتالي، أثر سلبا على القدرة الشرائية للمواطنين وأدى إلى انخفاض مستويات الاستهلاك الداخلي محليا.
ويؤكد أبو الشعر لـ"الغد" أن حالة الركود الاقتصادي لدى المواطنين وفي الأسواق المحلية ستستمر ما لم تتم إعادة النظر بالهيكل الضريبي الذي يعتمد على ضريبة المبيعات التي تعد مرتفعة جدا مقارنة مع دخل المواطنين.
ويشير إلى أن معدلات التضخم المعلنة محليا أقل من مستوياتها الحقيقية، إذ إنه رغم استقرارها إلا أن الأسعار تستمر بالارتفاع على المواطنين الذين يعانون بصورة واضحة من ارتفاع التكاليف المعيشية، داعيا في هذا الصدد الحكومة إلى إعادة النظر بمعادلة آلية احتساب التضخم، وتوسيع السلة السلعية والخدمية التي يتم على أساسها قياس مستوى التضخم.
ويرى أن هنالك ترددا من الحكومات المتعاقبة في استخدام أساليب اقتصادية جديدة وانتهاج سياسات غير تقليدية مختلفة عن السياسات المتبعة لدينا منذ فترة طويلة، رغم عدم نجاح تلك السياسات التي تصر عليها في إخراج الاقتصاد الوطني من كبوته.
ومن بين الملفات العابرة؛ أزمة المياه العالقة مذ "عطش طويل" والتي يتكرر التصريح عنها بالشكل نفسه "فالصيف القادم صعب وواقع المياه سيئ"، رغم الجديّة الرسمية في مشروع ناقل المياه الوطني، أو حتى ملف مستشفيات وزارة الصحة التي استدعت توقف أحد النواب أثناء مناقشة الموازنة ليطلب من رئيس الحكومة سريرا للمريض، وهو ما يتكرر بشكل شبه يومي، إذ يحتاج الأردني لواسطة لحصوله على العلاج رغم