واشنطن – يطرح السؤال بشدة في العاصمة الأميركية حول سبب رغبة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في إنجاز اتفاق بشأن الحرب الصهيونية على قطاع غزة قبل تسلمه منصبه رسميا في 20 كانون الأول(يناير) المقبل.
وكان ترامب قد أشار إلى حرصه على إنهاء الحرب في غزة بأسرع وقت ممكن، حتى مع استمرار إدارة جو بايدن المنتهية ولايتها في سعيها الدبلوماسي للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، حيث نشر الرئيس المنتخب على منصة "تروث سوشيال" تغريدة هدد فيها بـ"الجحيم" إذا لم تتم إعادة الأسرى قبل حلول موعد تنصيبه، حيث يوجد بينهم 4 أو 5 مواطنين أميركيين أحياء.
وذات الرسالة كررها مستشار ترامب للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف والذي يوجد في المنطقة منذ أيام، ويقوم برحلات مكوكية بين قطر والكيان الصهيوني، ناقلا رسائل من ترامب لأطراف العملية التفاوضية التي تجمع قطر ومصر وحركة حماس والاحتلال علاوة على الولايات المتحدة.
إنجاز مبكر
قال المحلل الأمني والدبلوماسي السابق فولفغانغ بوستاي "إن ترامب يبحث عن أول نجاح سياسي كبير لتعزيز سياسته الخارجية منذ البداية، كما أن الصراع في غزة يشكل عبئا ثقيلا على الولايات المتحدة وصورتها في المنطقة".
وأضاف، "أن من شأن وقف إطلاق النار الدائم -الذي توسط فيه فريقه- أن يحسن بشكل كبير مكانة ترامب ومصداقيته كصانع صفقات في المنطقة منذ البداية، وهو ما يساعده أيضا محليا مع العديد من مؤيديه".
كما أشار حسين أبيش، كبير الباحثين في معهد دول الخليج العربية بواشنطن "أن ترامب يريد أن ينسب إليه الفضل في الوضع الذي كان يختمر منذ عدة أشهر، وهو يدرك جيدا أن الفترة الانتقالية بين الإدارات والفاصلة بين الرئاسات هي دائما فرصة لفريق الرئيس القادم ليحل الإشكاليات الكبيرة قبل وصوله".
وكان ترامب قد تعهد -خلال حملته الانتخابية وفي مناسبات عديدة للناخبين العرب والمسلمين واليهود- بالعمل على إنهاء القتال في قطاع غزة، والإفراج عن بقية الأسرى لدى حركة حماس، وتودد للناخبين المعنيين بغزة من كلا الجانبين، وأكد أنه لو كان رئيسا ما قامت هذه الحرب من البداية، وكرر أنه "مرشح "السلام".
ويتفق جيريمي ماير البروفيسور بكلية السياسة والحكومة جامعة جورج ميسون بولاية فيرجينيا مع الطرح السابق، وأضاف أن "ترامب وعد باتخاذ إجراءات سريعة في أوكرانيا وغزة، وإذا تمكن من إنجاز شيء ما قبل التنصيب فسيكون ذلك أمرا يمكن أن يتباهى به. وفي الحقيقة، إذا توصل إلى وقف حقيقي لإطلاق النار، فسيكون ذلك إنجازا كبيرا".
قوى المنطقة
يعد ترامب أن أهم إنجازات فترة حكمه الأولى على الصعيد الخارجي هي التوصل إلى اتفاقيات أبراهام، حيث وضع أسس تطبيع العلاقات بين الاحتلال و4 دول عربية هي: الإمارات والبحرين والمغرب والسودان.
وتهدف الإدارة الأميركية القادمة إلى ضم السعودية لهذه الاتفاقيات، وإقامة علاقات دبلوماسية بينها وبين الاحتلال، إلا أن من شروط الرياض وقف العدوان على قطاع غزة، ووضع إطار ينتهي بدولة فلسطينية مستقلة.
ومن المرجح أن يحاول ترامب دفع اتفاقيات أبراهام إلى الأمام، سعيا لتطبيع سعودي مع الكيان الصهيوني يدخله قائمة المتنافسين على جائزة نوبل للسلام التي يحلم بها، حيث سبق وأن صرح في حديث تلفزيوني قبل انتخابات تشرين الأول(أكتوبر) الماضي أن "السلام بين إسرائيل والسعودية سيكون أولوية مطلقة إذا فاز بالانتخابات".
ومن جهة أخرى، يرى الباحث أبيش أن "ترامب يدرك أن ملامح هذه الصفقة المحتملة تتراكم منذ فترة طويلة، حيث كانت القشة الأخيرة سقوط نظام الأسد في سورية، وصعود تركيا كقوة إقليمية جديدة، مما يغير بشكل جذري ميزان القوى داخل حماس، الذي كان