أساف أوريون – (معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى) 18/12/2024
بالقدر الذي يتعلق بإسرائيل، يشكل سقوط نظام الأسد ضربة قاسية لإيران ومحور "المقاومة" التابع لها في المنطقة، مع العديد من الفوائد المحتملة للمصالح الإسرائيلية. فبالإضافة إلى قطع حلقة حيوية في القوس الاستراتيجي، طهران - بغداد - دمشق - بيروت، (أو "الهلال الشيعي")، يمكن أن يؤدي ذلك إلى قطع الطريق اللوجستي إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط، مما يشكل نكسة كبيرة لطموحات إعادة تسليح "حزب الله" ويفصل العمق الاستراتيجي الصناعي لإيران عن مختلف جبهات القتال على حدود إسرائيل. وفي غضون ذلك، تسعى روسيا للحفاظ على قواعدها في سورية مع تقليص وجودها العسكري هناك، مما قد يوسّع حرية إسرائيل في التحرك في المنطقة.
ومع ذلك، تأتي هذه الحالة الجديدة مع مجموعة من التهديدات الناشئة. فبإمكان الإرهابيين الجهاديين -سواء كانوا بقايا تنظيم "داعش"، أو عناصر متطرفة من الجماعات المتمردة التي أطاحت بالأسد، أو جهات فاعلة أخرى- أن يتقدموا بالقرب من المجتمعات الإسرائيلية في منطقة مرتفعات الجولان. وقد يتم تحويل ترسانة النظام، التي تشمل العديد من الأسلحة المتقدمة، ضد إسرائيل. كما يمكن للعناصر السنية العربية المتطرفة -بعضها مدعوم من تركيا- أن تشكل تهديدات على أمن جوار إسرائيل الذي يشكل ركيزة أساسية في بنية الأمن القومي الإسرائيلي. ومن جهتها، قد تسعى إيران للحفاظ على نفوذها الإقليمي، أو حتى توسيعه، للتعويض عن خسائرها. وعلى الرغم من فرار القوات الإيرانية ووكلاء إيران من سورية، إلا أن طهران على اتصال ببعض الفصائل المتمردة المنتصرة وتبحث عن طرق جديدة للنفوذ.
في المقابل، فإن الأهداف الرئيسية لإسرائيل في سورية واضحة، وهي: حماية سكان إسرائيل وسيادتها؛ وصد العناصر المعادية عن حدودها؛ ومنع وقوع أسلحة استراتيجية في أيدي المتطرفين؛ وتعزيز استقرار الجوار؛ ومنع إعادة تأسيس خطوط الإمداد الإيرانية وتلك التابعة لوكلائها إلى "حزب الله" وعناصر أخرى؛ ومواجهة أي عودة محلية لتنظيم "داعش" أو غيره من التنظيمات الإرهابية الجهادية السنية؛ وأخيراً وليس آخراً، ضمان احتفاظ إسرائيل بقدر كافٍ من حرية العمل للدفاع عن نفسها وإزالة أي تهديدات في المنطقة، من بلاد الشام إلى إيران -من جانب واحد إذا لزم الأمر، ولكن من الأفضل بالتعاون مع الآخرين.
اتخذت إسرائيل بالفعل إجراءات لتحقيق هذه الأهداف. أولاً، بدأت بتعزيز دفاعاتها في مرتفعات الجولان فور سقوط الأسد. ثم أطلقت قوات الجيش الإسرائيلي عملية "سهم بَشان"، التي تضمنت شن مئات الغارات التي دمرت معظم ترسانة سورية، مع التركيز على القواعد العسكرية، والدفاعات الجوية، والصواريخ الباليستية، ومستودعات الأسلحة، والطائرات العسكرية، والأصول البحرية، ومنشآت الإنتاج والتطوير المختلفة، بما في ذلك الأسلحة الكيميائية. وعلى الرغم من أن هذه الحملة لنزع السلاح كانت غير دموية في الغالب، إلّا أن الحكومة السورية الناشئة ستعتبرها على الأرجح عملاً عدائياً.
أما بالنسبة للقسم البري من العملية، فقد سيطرت القوات الإسرائيلية على "منطقة الفصل" في سورية، في انتهاك لاتفاقية فك الاشتباك للأمم المتحدة للعام 1974 التي أنهت رسمياً الحرب بين العرب وإسرائيل في العام الذي سبق. كما استولت على موقع جبل الشيخ السوري، الذي يطل على مواقع إسرائيلية استراتيجية على الجبل. وبعد تحذير قوات المتمردين من الاقتراب من هذه المنطقة العازلة، رتبت القوات الإسرائيلية بعد ذلك لنزع سلاح المجتمعات السورية المحلية، وهو ما فعلته بهدوء.
وقد أوضحت التصريحات الرسمية الإسرائيلية بشأ