التعريف المناسب للفظائع التي تنفذها إسرائيل في غزة هو نوع يخضع منذ اكثر من سنة لنقاش بين الباحثين ورجال القانون والنشطاء السياسيين والمراسلين وغيرهم – نقاش معظم الإسرائيليين لا يطلعون عليه. الحقيقة هي أنه لا يهم عشرات آلاف الأطفال القتلى والجرحى واليتامى والرضع الذين يموتون بسبب البرد في غزة، أي تعريف سيتم إعطاؤه في النهاية لهذه الجريمة من قبل محكمة العدل الدولية أو المؤرخين؟. إن فحصا مقارنا للأحداث في السنة الأخيرة، يقود الى النتيجة المؤلمة وهي أن اسرائيل حقا تنفذ في غزة إبادة جماعية. المؤرخ شلومو زند قال إنه رغم الأعمال الفظيعة وجرائم الحرب التي تنفذها إسرائيل في غزة إلا أنه لا تحدث إبادة جماعية (15/12/2024). زند قارن الحرب في غزة بحدثين مشابهين حسب رأيه، اللذين فيهما أيضا نفذت جيوش دول ديمقراطية (فرنسا والولايات المتحدة) فظائع ضد السكان المدنيين – التي لا تقل عن الفظائع التي تنفذ في غزة – افعال هذه الدول لا تقل عن الفظائع التي يتم ارتكابها في غزة. لكن هذه الأفعال لم يتم تعريفها بأنها إبادة جماعية. حرب الجزائر (1954 – 1962) وحرب فيتنام (1965 – 1973). إسرائيل في الحقيقة لم تقم بإلقاء قنبلة ذرية على غزة (رغم اقتراح وزير التراث عميحاي الياهو). ولكن في الحرب في غزة تم تجاوز حواجز حذرت إسرائيل من اختراقها في السابق. التحقيق الذي اجراه يوفال ابراهام الذي استنتاجاته تم التأكيد عليها في تحقيق منفرد لـ "واشنطن بوست" (29/12/2024)، اظهر بأن الجيش الإسرائيلي استخدم الذكاء الصناعي في عمليات القصف في غزة، بشكل أدى الى إضرار زائد بالأبرياء. أحيانا تمت المصادقة على تدمير حي أكمله وقتل 300 شخص غير متورطين فقط من اجل المس بشخص كبير واحد من حماس. هذا المنطق يحول جميع سكان غزة الى اهداف مشروعة. هكذا، حسب الجمع الدقيق للبيانات الذي أجراه الدكتور لي مردخاي ("هآرتس"، 5/12/2024)، يمكن التقدير بأن 60 – 80 % من المصابين في غزة هم غير متورطين – اكثر من كل ما سمح به الجيش الإسرائيلي في السابق، واكثر مما كان في أي حرب أخرى في القرن الواحد والعشرين. هذه السياسة فعليا تسمح بارتكاب إبادة جماعية، والصعوبة الأساسية التي تقف امام تعريف قانوني للإبادة الجماعية هي الحاجة الى إثبات النية. في الواقع الإبادة الجماعية حسب تعريف الأمم المتحدة من العام 1948 تحتاج الى الاثبات بأنه توجد نية للابادة بشكل كامل، أو جزئي، للمجموعة التي هي ضحية الإبادة، وهذه يمكن أن تكون مجموعة قومية، دينية، عرقية. موضوع النية تم إدخاله الى الميثاق، ضمن أمور أخرى، بسبب المصالح المشتركة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي سابقا، التي خشيت في فترة الحرب الباردة من أن لا تجد نفسها على كرسي المتهمين في محكمة العدل الدولية، بسبب نشاطات عنيفة نفذتها في السابق أو سيتم تنفيذها في المستقبل. على مدى سنوات الحرب الباردة المحكمة كانت عاملا هامشيا جدا في العلاقات الدولية. المرة الأولى التي أدانت فيها هيئة قضائية جنائية دولية متهما بتنفيذ إبادة جماعية (جانبول اكيسو) كانت في أيلول (سبتمبر) 1998، في محاكمة الإبادة الجماعية في رواندا. المحاكم الدولية تتبع الحذر الشديد قبل أن تقرر بأنه حدثت إبادة جماعية. المحكمة الجنائية للاستئنافات، التي تناولت الإبادة الجماعية في سيربرنتسا، تطرقت إلى قضية الإبادة لجزء من مجموعة (التي هي مذكورة في ميثاق الأمم المتحدة)، وقالت إن هذا الجزء يجب أن يكون محدد ومُعرف، وإبادته يجب أن تعرض للخطر كل المجموعة. في قراري حكم في الدعاوى التي تناولت الحرب في يوغسلافيا قررت محكمة العدل الدولية بأنه