كير غايلز - (الإندبندنت) 5/1/2025 التغيرات السياسية في الولايات المتحدة التي أوصلت أحد المدافعين عن روسيا إلى البيت الأبيض وضعف أوكرانيا وقلق الدول الأوروبية في ظل غياب الدعم الأمني الأميركي، هي جميعها عوامل قد تساعد الرئيس الروسي على تحقيق أهدافه طويلة الأمد في الهيمنة. * * * في معظم الصراعات يتولى المؤرخون عادةً تحديد اللحظات الحاسمة التي يتضح فيها مسار النصر أو الهزيمة، لكن الحرب الروسية - الأوكرانية تمثل استثناءً، إذ بات من المؤكد بصورة مسبقة أن يوم الـ20 من كانون الثاني (يناير) 2025 (وهو يوم تنصيب دونالد ترامب رئيساً) سيشكل نقطة تحول من شأنها تغيير مسار هذا الصراع بصورة كبيرة. فقبل فترة طويلة من الانتخابات الأميركية، كان يُنظر إلى احتمال عودة ترامب إلى البيت الأبيض على أنه عامل حاسم في تحديد قدرة أوكرانيا على الصمود في وجه العدوان الروسي. كذلك كان واضحاً منذ فترة طويلة أن مصير الحرب سيكون رهناً بالقرارات التي تتخذ بعيداً من حدود أوكرانيا وبعيداً من ساحات القتال في مناطقها الشرقية والجنوبية. وفي حين أن روسيا وأوكرانيا تعتمدان بصورة كبيرة على تحالفات دولية تعد مساهماتها أساسية في جهودهما الحربية، إلا أن الفارق الأهم يكمن في الوضع الهش لأوكرانيا، بحيث يبدو أن أكبر حليف لها -الولايات المتحدة- قد يكون على وشك سحب دعمه الحيوي لها، مما سيترك كييف في موقف ضعيف قد يعوق قدرتها على الاستمرار في صراعها من أجل البقاء. معلوم أن الرئيس الأميركي المنتخب كان قد تعهد مراراً إحلال السلام في أوكرانيا في غضون يوم واحد من توليه مهام منصبه، لكن تفاصيل هذا الوعد ظلت غامضة. وقد تم اقتراح خطط محتملة عدة، لكن أياً منها لم يتناول بصورة واف كيف يمكن إقناع أوكرانيا بوقف مقاومتها، من دون تقديم ضمانات قوية لا جدال فيها، لردع موسكو عن معاودة الأعمال العدائية في وقت يناسبها. وفي الواقع إن ما تسمى "ضمانات الأمن" هذه تشكل أهمية بالغة إذا كان لأي وقف لإطلاق النار أن يفضي إلى سلام دائم بين الدولتين، بدلاً من أن يكون فرصة لروسيا لإعادة تشكيل قواتها البرية بوتيرة أسرع، دون أن تتمكن أوكرانيا من القضاء عليها بالسرعة نفسها التي تتم بها إعادة تشكيلها. يشار هنا إلى أن قادة رئيسين في "حلف شمال الأطلسي" (ناتو) والأعضاء الأكثر حذراً وقلقاً، رفضوا تقديم الضمانة الأمنية الأكثر فاعلية - المتمثلة في عضوية حلف شمال الأطلسي (ناتو) لأي جزء حر من أوكرانيا - وفي الوقت نفسه أصبح حتى اقتراح نشر قوات غربية في أوكرانيا للحفاظ على السلام، يثير موجة من الذعر والإنكار السريع من جانب العواصم الأوروبية. ومن المتوقع أن يستغل دونالد ترامب المساعدات الأميركية التي تقدمها واشنطن لكييف، لدفع أوكرانيا نحو قبول وقف إطلاق النار، ما سيؤدي إلى تصاعد فوري للجدل، ليس فقط مع كييف، بل أيضاً مع الدول الأوروبية التي تدرك أن مقاومة أوكرانيا المستمرة لروسيا هي مسألة حاسمة لأمنها. فهذه الدول ترى أن أي وقف لإطلاق النار سيكون بمثابة فرصة لروسيا لإعادة بناء قوتها العسكرية، كما سبق أن فعلت في كل من في جورجيا وسوريا، وفي أوكرانيا ذاتها بموجب "اتفاقي مينسك "Minsk Agreements (الاتفاقان "مينسك 1" و"مينسك 2" فشلا في وضع حد للصراع في شرق أوكرانيا بين قوات كييف والانفصاليين المدعومين من روسيا). وقد يزيد هذا الخلاف بين الولايات المتحدة وأوروبا من إحجام ترامب - الذي أكد عليه علناً - عن الوفاء بالالتزامات الأميركية تجاه حلف شمال الأطلسي، خصوصاً بعد انتقاداته السابقة للدول الأوروبية الأعضاء في الحلف، بسبب تقاعسه