عمان - لم يمر اليوم الأول لاتفاق الهدنة التي جاءت بعد مفاوضات شاقة بين الاحتلال الصهيوني وحركة المقاومة الإسلامية - حماس، من دون رمي الاحتلال للحجارة في طريقها، محاولا الظهور بأنه ما يزال يمتلك مفاتيح تحقيق "نصر مطلق"، والتحكم باستمرار الحرب أو إنهائها.
وقد ظهرت محاولته عرقلة الاتفاق، عبر أعمال قصف ارتكبتها قواته على مناطق في القطاع، بذريعة أنه لم يتسلم قوائم بأسراه في اليوم الأول، إلى جانب إعلانه قبل بدء سريان الاتفاق، قوائم غير دقيقة لأسماء أسرى فلسطينيين.
وفي هذا النطاق، بين خبراء، بأن مثل هذه المحاولات، ينفذها الاحتلال عادة عند إجراء اتفاقات لتبادل الأسرى مع الفلسطينيين، في محاولة إبراز تفوقه، لكنه أمس، وتحت ضغط أميركي قاده الرئيس ترامب وآخر داخلي، فشل في الظهور بمظهر المنتصر، وبدت تصريحات حكومته باهتة، وجاء تصريح رئيس وزرائه اليميني المتطرف بنيامين نتنياهو في استعراض مآثر الهدنة إسرائيليا، بهتا بعد أن غابت عنه عبارة "النصر المطلق".
في المقابل، فإن حماس التي أعلنت التزامها ببنود اتفاق الهدنة منذ لحظة التوقيع عليها، كشفت عن أن التأخر في تسليم أسماء أسرى الاحتلال، يعود لأسباب فنية ميدانية.
الخبير بالدراسات الدفاعية د. مأمون أبو نوار، بين أن تسريبات قوائم غير دقيقة بأسماء أسرى فلسطينيين في هذا التوقيت، محاولة كان يراد منها إرباك حماس، وأيضا تعطيل اتفاق الهدنة، وهو ما قد يحاول نتنياهو ارتكابه تاليا أو في عمليات تبادل لاحقة.
وأضاف أبو نوار، برغم سريان بدء الهدنة، إلا أن نتنياهو أطلق تصريحات يهدد فيها بعدم دخول الهدنة لحين استلام قائمة الأسرى الإسرائيليين، محاولا بهذه العراقيل، أن يبدو كما لو أنه صاحب الكلمة العليا في الخروج عن نص الهدنة وإعاقة تنفيذها.
وأضاف أبو نوار، إن حماس بعد أن زودت الاحتلال بقائمة لأسراه، فوتت على نتنياهو، أي مبررات لخرق الهدنة، مبينا أن عراقيل من هذا النوع تصدر عن الاحتلال، تشير إلى وجود نوايا صهيونية لعرقلة المرحلة الثانية من الهدنة التي رضخ الاحتلال لشروطها.
الخبير بالشؤون الإسرائيلية د. أيمن الحنيطي، أكد أن سلوكيات الاحتلال بشأن تسريبات قوائم غير دقيقة لأسرى فلسطينيين، وتهديدات نتنياهو في تصريحه قبل تنفيذ الهدنة بعدم وقف الحرب العدوانية على غزة، أمر متوقع منه، بخاصة وأن التوصل للهدنة لم يكن وليد محاولات تفوق الاحتلال في الحرب، بل جاءت جراء ضغوطات داخلية وخارجية وعسكرية، لذا، فحكومته لا تريد أن ترى المقاومة الفلسطينية، وقد حققت أي نصر، حتى لو كان هذا النصر يتمثل بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، أو حتى صمود المقاومة في وجه قوة عظمى لـ470 يوما، من دون أن ترفع الراية البيضاء.
واعتبر الحنيطي، أن صمود المقاومة والوصول لهدنة تحققت غالبية شروطها هو انتصار لها، بخاصة وأن اتفاق الهدنة بدأ تنفيذه، برغم محاولات عرقلتها، لكنه يلفت إلى أن نتنياهو وحكومته وأنصاره، كلهم يتحدثون بنبرة واحدة، تفيد بأن ما يهمهم هو تنفيذ المرحلة الأولى منها، سعيا لتخفيف ضغط ذوي الأسرى ومناصريهم والحد من الضغوطات الداخلية التي أنتجتها حربه العدوانية على غزة، وأيضا رضوخا لإرضاء إدارة ترامب الذي ضغط بقوة لإتمام الهدنة.
وتوقع الحنيطي بأن يماطل نتنياهو ويسوف لكي لا يصل المرحلة الثانية من الاتفاق، والمضي في محاولاته استئناف حربه العدوانية، كما أفصح في خطابه الأخير، وكما تحدث عن وعود من إدارتي ترامب وبايدن بمواصلتها، إذا لم تلتزم حماس بشروط الهدنة، لذا فإنه يحاول خلق ذرائع تفضي لخلق تصور عن حماس بعدم التزامها بالشروط، لتنفيذ ما يصبو إليه بمواصلة الحرب، لافتا إلى