عواصم - في اليوم التالي لسقوط بشار الأسد، سارع جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى تدمير الكثير من مستودعات الأسلحة في سورية، بالإضافة إلى احتلال مرتفعات جديدة في جبل الشيخ قرب دمشق، مما يعبّر عن قلق بالغ ويثير التساؤلات.
تلك الخطوات لم تثر استياء الإدارة السورية الجديدة فحسب، بل امتد الاستياء الى تركيا التي رأت فيها خطوات تهديدية لجهودها في الموضوع السوري.
تدريجيا بدأت، تتضح أسباب قلق الكيان المحتل، حيث نشرت صحيفة جيروزاليم بوست بعد مرور شهر كامل على فرار الأسد من سورية تقريرا نقلت فيه مضامين تقدير موقف صادر عن لجنة فحص ميزانية الأمن وبناء القوة (ناغل)، حيث حذر التقرير من التحالف السوري التركي.
ونبه إلى أنه قد يتطور إلى تهديد يفوق خطر إيران، كما أوصت اللجنة بالاستعداد لمواجهة مباشرة مع تركيا، واعتبرت أن الأخيرة لديها "طموحات استعادة نفوذها العثماني".
وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة يسرائيل هيوم أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيعقد اجتماعا طارئا مع المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) لمناقشة تداعيات التدخل التركي في سورية.
كانت الأوساط في كيان الاحتلال قد شهدت طرح أسئلة حول أسباب عدم قدرة الاستخبارات على توقع سقوط الأسد، حيث وجه محلل الشؤون الاستخباراتية في صحيفة يديعوت أحرونوت رونين بيرغمان في 9 كانون الأول (ديسمبر) 2024 انتقادات للاستخبارات العسكرية لأنها فشلت في توقع السقوط السريع للأسد، متهما إياها بعدم القدرة على تقديرات الموقف المستقبلية.
وفيما يبدو فإن تل أبيب لم تفشل في توقع سقوط الأسد فحسب، بل كانت تراهن على بقائه في السلطة، لكن وفق رؤية تعمل عليها، وهذا ما أشارت له صحيفة ميدل إيست آي في تقرير لها نشرته آواخر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، قالت فيه إن تلك الرؤية تتمثل بمخطط إسرائيلي كان يهدف لتقسيم سورية إلى 3 كتل، بحيث يبقى الأسد في العاصمة دمشق، ويقوم كيان كردي شمال شرق سورية، وآخر درزي جنوبها، والهدف هو تقليص نفوذ إيران وحزب الله، ومنع تركيا من التوسع في سورية.
وبحسب الصحيفة، فإن انهيار بشار الأسد وفشل الخطة الإسرائيلية هو ما دفع تل أبيب إلى تدمير قدرات سورية العسكرية.
وبعد أسبوعين من سقوط بشار الأسد، كشفت هيئة البث العبرية عن اتصالات يجريها مسؤولون إسرائيليون مع قوات سورية الديمقراطية "قسد"، مع الإشارة إلى وجود دراسة لدعمهم "بطرق غير عسكرية".
وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن غفير ناقش ضمن اجتماع مصغر في الأسبوع الأول من الشهر الحالي إمكانية تقسيم سورية إلى كانتونات إدارية.
وتتالت تحذيرات الاحتلال الإسرائيلي للولايات المتحدة من التخلي عن قوات سورية "قسد"، حيث دعا المحلل العسكري الإسرائيلي عيدو ليفي ضمن تقرير نشره في معهد واشنطن إلى استمرار الدعم الأميركي لقسد من أجل تحجيم هيئة تحرير الشام.
كما طالب ليفي واشنطن بإعادة تقييم احتياجات "قسد" لضمان استمرار سيطرتها على شمال شرق البلاد، ومنع كلّ من الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، وتحرير الشام من السيطرة على المنطقة.
مؤخرا أبدت إلهام أحمد رئيسة دائرة الشؤون الخارجية للإدارة الذاتية (الذراع الإدارية لقسد) استعدادهم للتعاون مع أي جهة تطالب القوات الأميركية بالبقاء في سورية وخاصة إسرائيل.
ومن الواضح أن "قسد" تحاول الاستفادة من تأثير إسرائيل في الأوساط الأميركية لثني إدارة دونالد ترامب عن فكرة الانسحاب من سورية، وتوفير بديل إقليمي حال قررت واشنطن بالفعل تقليص حضورها في سورية.
من جهته، يتعاطى الجانب التركي مع انفتاح "قسد" على إسرائيل بقلق بالغ، ويحاول تسريع الحسم الميداني، وهذا ما دفعه لتكثيف الهجمات الجوية عل