عمان- لم تكن جريمة سيل الزرقاء البشعة، التي ارتكبها الأب بحق طفليه وتحول فيها إلى قاتل متوحش أنهى حياتهما، سوى واحدة من سلسلة جرائم تنذر بخطر يهدد المجتمع، ولتؤكد أن الأطفال هم دائما الضحايا الذين يدفعون الثمن في صراعات الكبار. هذه الجريمة تذكر بحوادث مشابهة، أبرزها تلك التي هزت الرأي العام السنة الماضية، حين أقدم أب على قتل طفلته خنقا بدافع الانتقام من طليقته. الجريمة التي اعترف بها الأب تمت بسبق الإصرار، حيث أرسل صورة الجريمة ورسالة صوتية لطليقته ليؤكد أن هدفه كان "حرق قلبها"، في تصرف يعكس أقصى درجات القسوة والتجرد من الإنسانية. تتصدر مئات القصص المأساوية مشهد الرأي العام، حيث يقحم الأطفال في نزاعات زوجية لم يكن لهم يد فيها، وتتحول بعض هذه القضايا إلى جرائم بشعة بدافع الانتقام، والأطفال وحدهم يتكبدون الألم في أسرة مفككة يعيشون بها. هذه الجرائم تنتهك القوانين التي تجرم المساس بحق الطفل في الحياة تحت أي ظرف. كما أنها تخالف الاتفاقيات الدولية، ومنها قوانين حقوق الطفل التي تنص على حق الطفل في التمتع بحياة آمنة وكريمة والحفاظ على كيان الأسرة كركيزة أساسية للمجتمع. رغم الدعوات المستمرة لعقد دورات تأهيلية للمقبلين على الزواج والآباء والأمهات الجدد، يبقى من الصعب الجزم بقدرتها على منع الجرائم البشعة التي يكون ضحيتها الأطفال، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية التي قد تدفع البعض إلى ارتكاب مثل هذه الجرائم. وفي هذا السياق، يوضح رئيس جمعية العفاف والمختص في شؤون الأسرة والمجتمع، مفيد سرحان، أن الهدف الأساسي للزواج هو بناء أسرة مستقرة تسودها المودة والسكينة والرحمة، باعتبار الأسرة اللبنة الأولى في بناء المجتمع، فيما يشكل الإنجاب ضرورة لاستمرار الحياة وتعمير الأرض. وأكد أن تربية الأبناء مسؤولية كبيرة ومشتركة بين الزوجين. ووفق سرحان فإن من أكثر الأخطاء أن يستخدم الأبناء كوسيلة للضغط أو الانتقام بين الزوجين، وهو ما يتجلى في العديد من قضايا العنف المماثلة. مشددا على أن هذا السلوك يتنافى مع قيم الأبوة والأمومة وأبسط المبادئ الإنسانية. ينوه سرحان أن بناء الأسرة يجب أن يقوم على أسس سليمة تبدأ قبل الزواج باختيار الشريك المناسب، مع مراعاة التكافؤ والاستمرارية وفهم الآخر، والاستعداد للتضحية والحوار، والإيمان بقداسة الحياة الزوجية. ويرى أن الحياة الزوجية، رغم ما قد يشوبها من مشكلات أو اختلافات، يمكن الحفاظ عليها إذا امتلك الزوجان مهارة الحوار وحرصا على استقرار الأسرة ومستقبل الأبناء. ويشدد سرحان على أهمية استعداد الأهل للتضحية في سبيل نجاح الحياة الزوجية وضمان مصلحة الأبناء، الذين يعدون جزءا أساسيا من حياة الزوجين ونتيجة لاختيارهما. فالاهتمام بتربية الأبناء ورعايتهم مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الوالدين، مع ضرورة إدراك الأهل لحقوق الطفل والعمل على تطبيقها مهما كانت الظروف. توضح استشارية علم النفس والنمو الأسري، الدكتورة خولة السعايدة، أن نمط تفكير الإنسان يتشكل بناء على تجاربه في الطفولة، حيث يتعلم الطفل من والديه القيم والمبادئ والأخلاق، إضافة إلى أساليب التعامل مع الخلافات والمشكلات، وطرق الحوار والتفاهم. ويحدث ذلك بشكل أساسي عبر التقليد المباشر لسلوك الوالدين. وتشير السعايدة إلى أن المجتمع المحيط يساهم ايضا في تنشئة الطفل، ما يفسر أن بعض الجرائم الناتجة عن العنف لحل الخلافات الزوجية تعكس تربية غير سليمة. ففي هذه البيئة، قد يرى أحد الزوجين أن العنف أو الانتقام من الطرف الآخر هو الحل، بالتالي الأطفال يدفعون الثمن في نهاية المطاف. وبحسب السعايدة فإن أح