عمان- في اللحظة التي لا تلقى فيها صورة نشرها أحدهم على عدد كاف من الإعجابات، قد يسارع إلى حذفها. آخر يربط عدم متابعة صديقه له بضعف العلاقة بينهما، وهناك من يفسر "قلبا أحمر" بداية قصة حب. وحتى الردود المتأخرة على الرسائل تعد دليلا على قلة الاهتمام. هذه الممارسات الرقمية التي قد تبدو بسيطة لكنها تعكس واقعا أكثر تعقيدا، حيث تساهم السوشال ميديا في السيطرة على مشاعر الأفراد وتوجيه طريقة تفكيرهم، ما يؤثر سلبا على علاقاتهم الاجتماعية. إشعار بعد الآخر يظهر على الشاشات الذكية، يؤثر في المشاعر ويسيطر عليها. وبين "لايك، تعليق، فولو، وأنفولو"، وغيرها من التفاعلات، تحولت هذه الأدوات الرقمية إلى أدوات تتلاعب بعواطف الإنسان وتؤثر على طريقة تفكيره بموافقته!. اليوم، نعيش في عالم رقمي تتعدد فيه منصات التواصل الاجتماعي، وانتشرت معها مصطلحات جديدة أصبحت جزءا من الحياتة اليومية، بل وأخذت تسيطر على المشاعر، حتى أنها تؤثر على "ثقتنا بأنفسنا" في غياب التفاعل الرقمي. بات "اللايك" يحمل معنى خاصا، والرد المتأخر يعني شعورا بالإهمال، والمتابعة أو الحظر أشبه برسائل واضحة. هذه المصطلحات لم تعد مجرد أدوات تقنية، بل تحولت إلى لغة جديدة نتعامل بها يوميا. ومع ذلك، هناك من يسمح لهذه الأفعال الرقمية أن تسيطر على مشاعره، وتتلاعب بعقله وقناعاته وتعاطيه مع الأشياء من حوله. الشابة نور (22 عاما) تجسد هذا الواقع، حيث تقول إنها عندما تنشر صورة جديدة على إحدى منصات التواصل الاجتماعي، تراقب هاتفها باستمرار لمتابعة عدد الإعجابات والتعليقات التي تحصل عليها. تضيف أنها قد تستيقظ في منتصف الليل فقط لتتفقد من وضع "لايك أو قلب" على صورتها. وتعترف نور بأنها تتابع إشعارات هاتفها دقيقة بدقيقة لتشعر أن الصورة التي نشرتها نالت إعجاب الآخرين. وقد تصل في بعض الأحيان إلى حذف الصورة إذا لم تجد تفاعلا كافيا، مما يعكس مدى تأثير السوشال ميديا على حالتها النفسية وثقتها بنفسها. تشير نور إلى أن قلة التفاعل على ما تشاركه عبر منصات التواصل تؤثر بشكل مباشر على ثقتها بنفسها، حيث تفقد الحماس تجاه صورها وتبدأ في التشكيك بجمالها وقيمتها ومكانتها. أما الشاب عمر (26 عاما)، فيدرك تماما أن الإشعارات ليست سوى نقرة زر على الهاتف، لكنه يعاني من صديق مقرب يفكر بشكل مختلف، ما يسبب توترا في صداقتهما. يقول عمر إنه يشعر أحيانا بأنه مجبر على وضع "لايك أو تعليق" على "ستوري" الخاص بصديقه، لأن غيابه قد يفسر على أنه عدم اهتمام أو إشارة إلى أن المحتوى ليس جميلا. كما أن تأخره في الرد على الرسائل يعد تجاهلا، بالرغم من أنه قد يكون منشغلا بأمور أخرى، وهو ما تسبب في خلافات ومناكفات بينهما. ووفق عمر فإن إشعارات السوشال ميديا باتت تسيطر على عقول الكثير من الشباب، حيث تؤثر على طريقة تفكيرهم وتعاملهم مع الآخرين، ولهذا، اختار أن يوضح لصديقه وجهة نظره، مؤكدا أن العلاقات الحقيقية يجب أن تكون أعمق من "لايك، فولو، أو بلوك"، وأن على الفرد أن يكون واقعيا وألا يفسر الأمور بأكثر مما تستحق. من الناحية النفسية، يوضح الاختصاصي باسل الحمد أنه من المهم التمييز بين الأفكار، المعتقدات، والمشاعر. فالمشاعر هي استجابات نفسية وفيزيولوجية مثل الغضب، الحزن، الفرح، والخوف، بينما الأفكار هي وجهات نظرنا حول الحياة والأشخاص والأشياء. أما المعتقدات، فهي مجموعة الأفكار المتراكمة. ويضيف الحمد أن المعتقدات بمثابة النظارة التي نرى من خلالها الواقع، ونتفاعل مع التجارب والخبرات. هذه المعتقدات تتشكل عبر التربية، قيم الوالدين، خبرات الفرد الشخصية، بالإضافة إلى التحيزات التي يكتسبه