عمان- تحييد الأطفال عن الخلافات الزوجية وحالات الطلاق ليس مجرد خيار، بل ضرورة إنسانية واجتماعية لحماية مستقبلهم النفسي والعاطفي. ففي بعض الأحيان تصل الخلافات الزوجية إلى نقطة تجعل استمرار الحياة المشتركة مستحيلة، ويصبح الطلاق هو الحل الأمثل. لكن التحدي الأكبر يكمن بعد الطلاق، حيث غالبا ما يصبح الأطفال ضحايا لهذه الصراعات. يتم توريطهم في نزاعات لا علاقة لهم بها، ما يترك آثارا نفسية واجتماعية عميقة قد تستمر مدى الحياة. وفي حالات أكثر تطرفا، قد تصل الأمور إلى إنهاء حياة الأطفال انتقاما من الشريك الآخر. بدورها تؤكد التربوية والمرشدة الأسرية رائدة الكيلاني، أن مناقشة هذا الموضوع يجب أن تستمر من دون ملل، لأن الأطفال هم الضحايا لهذه القرارات الخاطئة. وتشير إلى أن النزاعات الزوجية قد تدفع الأطفال إلى الشعور بأن والديهم أعداء، مما يؤدي إلى عواقب مدمرة، منها الانتقام. وتوضح أن الأطفال، بطبيعتهم الحساسة، يتأثرون بشدة بالتوتر والنزاعات داخل الأسرة. فالخلافات المستمرة بين الوالدين قد تؤدي إلى اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب والقلق، أيضا شعور الأطفال بالذنب، إذ يعتقدون أحيانا أنهم السبب وراء تلك المشكلات. هذا التوتر المستمر لا يقتصر تأثيره على حالتهم النفسية فقط، بل يمتد ليؤثر على علاقاتهم الاجتماعية ويضعف قدرتهم على بناء الثقة بالآخرين. وتشير إلى أنه رغم انتهاء العلاقة الزوجية، فإن علاقة الأبوة والأمومة تستمر مدى الحياة. ومن حق الطفل أن ينشأ في بيئة مستقرة عاطفيا، يشعر فيها بالحب والدعم من كلا الوالدين، إذ يمثلان المصدر الأول للأمان والحنان. وتشدد على أهمية التعاون بين الأب والأم حتى في حالة الطلاق لضمان توفير بيئة آمنة ومليئة بالمحبة لأطفالهم، بعيدا عن أي صراعات أو أحقاد. وتحذر من أن الفشل في تحييد الأطفال عن الخلافات الزوجية قد يؤدي إلى كوارث مأساوية، حتى وإن بدت حالات فردية. من جانبه يؤكد اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسين خزاعي، أن المجتمع والمؤسسات يتحملان مسؤولية كبيرة في توعية الأزواج بخطورة توريط الأطفال في النزاعات، كما يجب تعزيز القوانين التي تحمي حقوق الطفل وتجريم أي اعتداء جسدي أو نفسي عليه. ويرى أن من المهم تقديم الدعم النفسي للأطفال والأسر المتضررة، فهي ضرورة للتخفيف من آثار تلك الخلافات على مستقبل الأطفال، ويجب أن يتذكر الأزواج أن الأطفال يحتاجون إلى الأمان والحب في جميع الظروف، مؤكدا فكرة أن الزواج قد ينتهي، لكن دور الأبوة والأمومة لا ينتهي أبدا، وحماية الأطفال وضمان استقرارهم النفسي هو الأساس لبناء مجتمع أكثر إنسانية واستقرارا. ويشدد على فكرة تحييد الأطفال عن الخلافات الزوجية، والذي يعد ضرورة لضمان نموهم النفسي والاجتماعي السليم، فالأطفال يحتاجون إلى بيئة مستقرة توفر لهم الأمان العاطفي الذي يعد أساسا لتطوير مهاراتهم الاجتماعية والأكاديمية. التربوية الكيلاني تعود لتؤكد، أن تورط الأطفال في النزاعات الأسرية، يعرضهم للاضطرابات النفسية مثل القلق والاكتئاب وتدني تقدير الذات. وتؤكد أنها تلمس هذا الشيء من خلال تعاملها مع عدد من الأطفال الذين يعانوا من اضطرابات مختلفة ويكون سببها المشكلات الأسرية المستمرة، حتى أن هذه الظروف تؤثر بشكل مباشر على أدائهم المدرسي، وقد يظهرون سلوكيات عدوانية أو انسحابية نتيجة الشعور بعدم الأمان. وتنصح الوالدين بضرورة إظهار صورة من التعاون والتفاهم أمام أطفالهم حتى في ظل وجود خلافات، ومهما حدثت مشاجرات أو خلافات ولم يستطع الأهالي تجاوزها وسمع بها الأبناء، على الأهالي أن يحييدوا الأطفال والأبناء تماما من هذا الخلاف، فلا ذنب لهم ف