عمان- في دائرة الأصدقاء، يتفوق الإيجابيون دوما، فهم من يساهمون بجعل الآخر أكثر قدرة على الحلم وتحقيق الإنجازات، يمنحونه الفرصة للتطور والتعلم والنجاح. القرب من هؤلاء حافز نحو الطموح، فالصديق الحقيقي ليس من يتواجد بحسب الظروف، بل من يدعم ويمد غيره بالحب والثقة. ولهذا، يكون الأصدقاء إما مصدر قوة ودعم ونجاح، أو سببا لخيبة ووجع، ما يجعل الاختيار مسؤولية كبيرة لا تأتي عبثا أو ضربة حظ.
سارة إبراهيم ترى أن الصداقة علاقة مقدسة، لكن من الأهمية الحذر عند اختيار الأصدقاء، مشيرة إلى أن الصديق الحقيقي هو من تأمنه الروح وتجد عنده الراحة من كل الضغوط. هو الذي يستمع بقلبه، ويسعى جاهدا لتخفيف ما يثقل الكاهل.
وترى سيرين أن نجاح الأصدقاء له تأثير معد، لكنه لا يرتبط بالمنصب أو المال أو المستوى الاجتماعي، بل بما يقدمه الصديق من حب ودعم وتشجيع، وما يمنحه من أمان واحتواء ومشاركة في اللحظات الحلوة والمرة. وتشير إلى أن وجود الأصدقاء الناجحين في الحياة يعزز الثقة بالنفس، وبالقدرة على تحقيق الاحلام، لأنهم يشكلون صمام الأمان في أصعب الأوقات.
وتوضح سيرين، أن آخرين قد يتعمدون اختيار أصدقاء أقل منهم خوفا من المنافسة، لكن هذا النوع من العلاقات لا يدوم طويلا، وينهار عند أول اختبار حقيقي. لذلك، يجب أن تقوم الصداقة على أسس قوية، بحيث يصفق كل طرف لنجاح الآخر بحب، ويكون سندا له رغم صعوبة الطريق.
وتبين الاختصاصية النفسية سارة ملحس، أن اختيار الأصدقاء الإيجابيين والناجحين ينعكس إيجابا على حياة الإنسان النفسية والاجتماعية، ويمكن تفسير هذا التأثير من خلال عدة مفاهيم علمية في علم النفس. أولًا، من خلال النمذجة السلوكية، نتعلم من خلال ملاحظتهم كيف يتعاملون مع التحديات، وكيف يضعون أهدافا ويحققونها، مما يحفزنا على تقليد سلوكياتهم الإيجابية. ثانيًا، يوفر هؤلاء الأصدقاء الدعم الاجتماعي، وهو ما يعزز شعورنا بالكفاءة الذاتية ويزيد من دافعيتنا لمواجهة التحديات وتحقيق النجاح.
بالإضافة إلى ذلك، تبين ملحس أن البيئة الإيجابية التي يساهمون فيها تؤثر إيجابا، مما يحسن حالتنا المزاجية ويقلل من التوتر. وتتميز هذه العلاقات أيضا بوجود التعلم المتبادل، حيث نكتسب منهم إستراتيجيات جديدة للتفكير وحل المشكلات، وفي المقابل نضيف لهم رؤى وتجارب من خبراتنا الخاصة، ما يجعل العلاقة مثمرة للطرفين.
على النقيض، هناك أشخاص يفضلون مصادقة من هم أقل منهم دراسيًا أو عمليًا أو ماديًا، ويمكن تفسير هذا السلوك بمفاهيم مثل تعزيز الذات، حيث يسعى هؤلاء الأشخاص إلى تعزيز تقديرهم الذاتي من خلال الشعور بالتفوق على الآخرين.
كما أن بعضهم يختار هذه العلاقات بدافع الخوف من المنافسة، حيث يتجنبون ضغط المقارنة أو محاولة تحقيق مستويات مشابهة من النجاح. وفي حالات أخرى، قد يكون الدافع هو الحاجة للسيطرة، حيث تمنحهم هذه العلاقات شعورًا بالهيمنة أو القيادة. في مثل هذه العلاقات، تكون الديناميكية غير متوازنة، إذ يعتمد الطرف الأقل نجاحًا على العلاقة كمصدر للأمان أو الإرشاد، بينما يشعر الطرف الأقوى بالدعم أو التقدير.
ووفق ملحس، فإن الصداقات الصحية والمتوازنة هي التي تقوم على قيم مشتركة ودعم متبادل، حيث تساهم في تطور كلا الطرفين على المستويين الشخصي والمهني، وتجنب الديناميكيات غير المتوازنة التي قد تؤدي إلى استنزاف عاطفي أو خلل في العلاقة.
شكل الصداقة مع الإيجابيين تكون مبنية على التبادل المتوازن، حيث يدفع كل طرف الآخر للتطور والنمو والإلهام، والمشاركة في الأهداف والطموحات.
أما مع الأصدقاء الأقل نجاحًا قد تكون العلاقة أكثر أحادية الاتجاه، حيث يشعر الطر