عمان- بينما تفرض التحولات المتسارعة التي تطرأ على الساحتين الدولية والإقليمية واقعا جديدا -ربما يفاجئ كثيرا من دول العالم في المستقبل القريب- يؤكد خبراء أن على "العقل الاقتصادي" في الدولة الأردنية التعامل مع الظرف الراهن بمنهجية مختلفة تماما عن سنوات سادها "الجمود" لا سيما وأن المملكة تتوسط إقليما تعصف به التغيرات.
ويشدد الخبراء على ضرورة رفع منسوب التعامل مع حالة "عدم اليقين الاقتصادي في المنطقة والعالم" لا سيما وأن "شرار الأزمة المحتملة" سيطال الجميع بعد تولي الإدارة الاميركية الجديدة بقيادة دونالد ترامب زمام الحكم في بلد يشكل ركيزة للاقتصاد العالمي، وتهديدها باتخاذ قرارات اقتصادية وسياسية حمائية غير مسبوقة ربما تغير خريطة العالم الاقتصادية إذا ما بلغت مداها، فكما يقال" إذا عطس الاقتصاد الأميركي أصيب العالم بالزكام".
وفي غضون ذلك ما يزال الإقليم يعيش تحت وطأة نتائج حرب الإبادة التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة ولبنان والتي استمرت نحو 14 شهرا قبل أن يتوقف أخيرا سبقها أزمة كورونا التي انهكت اقتصادات المنطقة وكبدتها ديونا غير مسبوقة، إضافة إلى التغير الدراماتيكي الذي طرأ في سورية برحيل النظام بشار الأسد المخلوع.
وفي ظل هذه الظروف، يؤكد خبراء ضرورة التحول السريع والكامل إلى الاعتماد على الذات والتركيز على تنمية القطاعات الإنتاجية كالزراعة والصناعة وتحسين كفاءة إدارة الموارد المحلية إلى جانب ضرورة إطلاق خطة موازنة طارئة وأكثر مرونة.
ويؤكد الخبراء أن الاقتصاد الوطني لديه هامش أمان قد يحد من تأثره بالمتغيرات السياسية والاقتصادية العاصفة إقليميا وعالميا، كما لديه عوامل المنعة والمرونة التي ستمكنه من اجتياز أي تحديات أو أزمات، إذ سبق في كثير من المحطات على تجاوز أزمات كبرى.
ويضاف إلى ذلك أهمية التوسع في مكافحة التهرب الضريبي وتقليص النفقات العامة غير الضرورية، فضلا عن أهمية الانفتاح على القطاع الخاص والدخول في مشاريع شراكة حقيقية معه، إلى جانب أهمية تعزيز الدبلوماسية الاقتصادية والبحث عن تنويع العلاقات الاقتصادية مع دول العالم.
وقال الخبير الاقتصادي مفلح عقل" التحديات والمتغيرات التي يعيش على واقعها الإقليم والعالم اليوم سواء في سورية أو الضفة الغربية وإمكانية عودة الحرب على غزة قد تكون الأصعب على الإقليم منذ عقود طويلة ما يرفع من حالة عدم اليقين الاقتصادي وسيترك تبعات عدة على اقتصادات الدول بما فيها الاقتصاد الأردني".
واستدرك عقل "الاقتصاد الوطني لديه هامش أمان قد يحد من أثر المتغيرات السياسية والاقتصادية العاصفة إقليميا وعالميا، ويتمثل هذا الهامش في ما يلي: مرونة الموازنة العامة وإمكانية إعادة توجيه جزء منها كالنفقات الرأسمالية مثلا إلى بنود أكثر إلحاحا، إضافة إلى استقرار وجهة الصادرات الأردنية حيث أن الجزء الأكبر منها يصدر إلى دول جنوب شرق آسيا
ولدول الخليج العربي وهي دول مستقرة وبعيدة عن الازمات ما يعني استدامة الصادرات الوطنية بنفس الزخم خلال الفترة المقبلة، إلى جانب سلامة وجدارة القطاع النقدي الأردني".
ولفت عقل إلى أن اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الأردن والاتحاد الأوروبي وما تتضمنه من منح واستثمارات، تمثل هامش أمان للاقتصاد الوطني في المرحلة المقبلة.
وأشار عقل إلى أن ما سلف ذكره "تحت مظلة هامش الأمان الاقتصادي"، إضافة إلى تحفيز القطاع السياحي، يجب على الحكومة البناء عليه لتجنيب الاقتصاد الوطني من المتغيرات الجيوساسية والاقتصادية على الساحتين الإقليمية والعالمية.
من جانبه، قال مدير مركز الفينيق للدراسات