عمان- في الوقت الذي كشفت فيه دائرة الإحصاءات العامة عن بدء تنفيذ مشروع يقيس حجم الاقتصاد غير الرسمي يؤكد مختصون أن هذه الخطوة ستسد نقص المعلومات حول هذه الظاهرة التي توسعت كثيرا خلال السنوات الماضية.
وأوضح هؤلاء الخبراء في تصريحات خاصة لـ"الغد" أن قياس حجم الاقتصاد غير الرسمي وتقديم الإحصاءات الدقيقة حوله يتيح أمام أصحاب القرار تشكيل صورة أكثر شمولية ودقة عن الحالة الاقتصادية على أرض الواقع مما يساهم في تصميم سياسات تنظيمية تستند إلى بيانات موثوقة.
ولكن الخبراء أكدوا أن هذه الخطوة ستؤدي دورها الإيجابي في حال أوصلت إلى تشجع العاملين على الانتقال إلى العمل الرسمي لا أن تهدف إلى فرض ضغوط أو ملاحقات أو أعباء مالية أو إدارية عليهم ما قد يؤدي إلى إقصاء فئات هشة تعتمد على هذا المصدر للدخل لهم ولأسرهم.
وأشار الخبراء إلى أن هناك فرصا اقتصادية مهدرة ناجمة عن توسع الاقتصاد غير الرسمي محليا في السنوات الماضية وغياب البيانات الرسمية المتعلقة بحجمه، لا سيما على مستوى الخزينة العامة.
وشدد الخبراء على أهمية قياس هذا الاقتصاد بشكل دوري وعلى فترات زمنية متقاربة، لضمان تحديث المعلومات ومواكبة التغيرات المستمرة التي يشهدها سوق العمل بما يسهم في رصد التحولات السريعة التي من الممكن أن تحصل نتيجة تأثيرات خارجية مثل تجربة جائحة كورونا أو أي عوامل اقتصادية محلية أو إقليمية أخرى، بما يتيح لصانعي السياسات فهم السياق الفعلي بشكل أكثر دقة واستحداث آليات تدخل مرنة تواكب تلك التغيرات.
ويقصد بالاقتصاد غير الرسمي، ممارسة مجموعة من القطاعات وكيانات الأعمال المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر غير النظامية أنشطة ذات قيمة اقتصادية في جميع القطاعات الاقتصادية المنتجة للعديد من السلع والخدمات التي يتم تداولها نقدا بعيدا عن نطاق سيطرة الجهات الرسمية بالدولة.
وكان كشف مدير عام دائرة الإحصاءات العامة حيدر الفريحات خلال جلسة حوارية لمناقشة دور الإحصاءات في تقديم الأرقام القياسية حول المؤشرات المالية والاقتصادية عن الاقتصاد الأردني، عن قيام الدائرة حاليا بتنفيذ "مشروع طموح" لقياس حجم الاقتصاد غير الرسمي، موضحا أن هذه الخطوة ستساعد في كشف حجم النشاطات الاقتصادية غير المقاسة، مما يتيح للحكومة إمكانية توسيع قاعدة الاقتصاد بشكل حقيقي.
وقال الفريحات خلال الجلسة التي استضافها المنتدى الاقتصادي الأردني أخيرا "البيانات الإحصائية الدقيقة تمثل حجر الأساس في رسم السياسات الاقتصادية والتنموية" مشيرًا إلى أن الأردن شهد تحولات ديمغرافية واقتصادية غير مسبوقة خلال العقدين الماضيين، مما يتطلب إستراتيجيات تخطيط تنموي قائمة على التحليل العميق للأرقام والاتجاهات".
وتتضارب البيانات المتعلقة بحجم الاقتصاد غير الرسمي في المملكة إذ تشير أحدث دراسة محلية حول ذلك أصدرها منتدى الإستراتيجيات الأردني في عام 2021 إلى أن حجم هذا الاقتصاد محليا تراوحت نسبته على مدى السنوات الماضية حول ما يعادل 15 % من الناتج المحلي الإجمالي، في حين أظهر تقرير صادر عن البنك الدولي صدر عام 2022 حول العمالة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن 59 % من إجمالي العمالة في الأردن هي عمالة غير منظمة، وأن 75 % من عمالة القطاع الخاص هي عمالة غير منظمة أيضا.
وقال أمين عام وزارة العمل الأسبق حمادة أبو نجمة "هذا التوجه من قبل دائرة الإحصاءات العامة لو تحقق سيمثل خطوة إستراتيجية مهمة في سوق العمل الأردني، خاصة مع الارتفاع الملحوظ في نسبة العاملين في القطاع غير الرسمي التي تتجاوز 50 % من إجمالي العمالة حسب بعض الدراسات"، وأضاف" من خلال قياس هذا القطاع