عمان - بعد قمة القاهرة الأخيرة، وما شهدته من رفض عربي قاطع لمقترحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأردن ومصر، تبلور تحرك غربي يهدف للتأثير على إدارة ترامب بهذا الشأن، كشفت عنه بيانات وتصريحات صدرت عن دول أوروبية، تعبر فيها عن قلقها من مقترحات ترامب التهجيرية للفلسطينيين، وتدعو الى احترام حقوق الشعب الفلسطيني.
مراقبون رأوا، انه ولغاية اللحظة، لم تظهر مؤشرات قوية على نجاح التحرك الغربي بتغيير موقف ترامب وإدارته من التهجير، وهنا يتبدى، أن التأثير الغربي في هذه المسألة محدود، بخاصة في ظل تمسك الإدارة الأميركية بمواقفها وسياساتها تجاه القضية الفلسطينية. وهو ما يظهر أيضا جهة منظمات حقوقية دولية، انتقدت مقترحات ترامب، واعتبرتها انتهاكا للقانون الدولي وحقوق الإنسان، ومع ذلك، ما يزال من غير الواضح، مدى تأثير تلك الانتقادات على الأميركيين.
وفي احاديث منفصلة لـ"الغد"، أبدى مراقبون، تصورا يفيد بأن التحرك الغربي بعد اجتماع وزراء خارجة ست دول عربية في القاهرة، يمكنه تحقيق نجاح ملموس بتغيير سياسات إدارة ترامب بشأن غزة.
وقد أكد المشاركون في الاجتماع السبت الماضي، استمرار الدعم الكامل لصمود الفلسطينيين على أرضهم وتمسكهم بحقوقهم، ورفض المساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف، سواء عبر الأنشطة الاستيطانية، أو الطرد وهدم المنازل، او ضم الأرض، او إخلاء تلك الأرض من أصحابها، بالتهجير أو بتشجيع نقل او اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم بأي صورة من الصور، أو تحت اي ظروف ومبررات، بما يهدد الاستقرار وينذر بمزيد من امتداد الصراع للمنطقة، ويقوض فرص السلام والتعايش بين شعوبها.
وهذا الموقف العربي القاطع برفضه للتهجير، يسهم بدعم التحرك الغربي، وسواه في هذا الجانب، ويفتح الباب على اكثر من احتمال، للحد من المقترح الاميركي، المبني على انحياز كامل للاحتلال ضاربا عرض الحائط بحقوق الفلسطينيين في ارضهم.
نائب عميد كلية الأمير الحسين بن عبدالله الثاني للعلوم السياسية بالجامعة الأردنية د. أيمن صالح البراسنة، أكد ان البيان الذي خرج به اجتماع القاهرة، مهم جدا، بخاصة وانه جاء عقب إصدار ترامب تصريحاته التي طالب فيها الأردن ومصر بقبول انتقال أهالي غزة اليهما.
وأفاد البراسنة، أن البيان، أكد رفض طلب ترامب، لانه يتواءم مع طموحات اليمين الصهيوني في الكيان، وحكومة رئيس وزراء الاحتلال المتطرف بنيامين نتنياهو، ورفض تهجير الفلسطينيين من ارضهم. في المقابل، شدد على المطالبة بسلام عادل ودائم وشامل في المنطقة.
وأكد أهمية الاجتماع، باعتباره "خطوة مهمة ومتقدمة في التنسيق العربي"، مشيرا في هذا الجانب الى أن التضامن الأردني المصري، ووحدة المواقف والتنسيق بينهما متجذران، وقد ظهر ذلك خلال إدارة ترامب الأولى، وهو أيضا ما عكسته زيارات جلالة الملك المتكررة للقاهرة.
ولفت الى أن جلالته عمل جاهداً إبان فترة ترامب الأولى على تثبيت الموقف المصري، عبر التنسيق الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، لرفض سيناريو تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وبالتالي فإن تصريحات ترامب لم تكن مفاجئة بل كانت متوقعة للعرب.
واضاف البراسنة، إن "ترامب في إدارته الأولى، جاء بصفقة القرن، التي انطوت على رؤية أميركية، تريد إنشاء حكم ذاتي فلسطيني على ان يكون تحت سيادة الاحتلال الى جانب تهجير الفلسطينيين. لكن هذه الصفقة لم تتحقق بفعل صلابة الموقفين الأردني والمصري".
وأوضح أن ترامب الذي كرر تصريحاته بشأن التهجير أكثر من مرة، يتفق مع طموحات اليمين الليكودي في الكيان، ويتماهى مع حكومة اليمين المتطرف، وتحمل هذه التصريحات محاذير