الاقتصاد الأردني يدخل عام 2025 في وضع أكثر استقرارًا، رغم الضغوط الهائلة التي تعرض لها خلال 2024 نتيجة لحرب الإبادة على الأشقاء في قطاع غزة وما تبعها من تداعيات سياسية وأمنية أثرت على المنطقة بأكملها. ولقد شهد الاقتصاد الوطني تباطؤا نسبيا خلال العام الماضي، حيث سجل نمو نسبته 2.4 % للثلاثة أرباع الأولى من عام 2024، ويتوقع أن يسجل نمواً بنسبة 2.4 % لعام 2024 كاملاً، متأثرًا بحالة عدم اليقين الإقليمي، وتراجع النشاط السياحي، وضعف حركة التجارة مع الدول المجاورة. ومع ذلك، فإن الصمود الاقتصادي، المدعوم بسياسات مالية ونقدية حذرة، يُمهد الطريق لانعكاسات إيجابية في 2025، حيث بدأت بوادر التعافي تظهر مع انحسار التوترات واستعادة بعض مظاهر الاستقرار. أبرز هذه الانعكاسات الإيجابية تتمثل في انتعاش قطاع السياحة، الذي كان الأكثر تضررا خلال 2024؛ بسبب الحرب على غزة والاضطرابات التي امتدت إلى مناطق أخرى، فالسياحة، التي تعد ركيزة أساسية في الاقتصاد الأردني، تلقت ضربة قوية مع تراجع أعداد الزوار وارتفاع المخاوف الأمنية، مما انعكس على إيرادات القطاع، وتسبب في فقدان العديد من الوظائف. ومع بداية 2025، ومع استقرار الأوضاع نسبيا، يُتوقع أن يسجل القطاع نموا بنسبة 5 %، مما سيسهم في تحريك عجلة الاقتصاد، وزيادة معدلات التشغيل، ورفع الدخل السياحي إلى مستويات ما قبل الأزمة. أما على صعيد التجارة والاستثمار، فإن التراجع الذي شهده العام الماضي بدأ في الانحسار تدريجيا، خاصة مع إعادة فتح الحدود مع سورية وتحسن العلاقات الاقتصادية الإقليمية، فقد تأثرت حركة التبادل التجاري خلال 2024 بسبب التوترات المستمرة، إلا أن الأردن، بفضل موقعه، سيستعيد دوره كمركز رئيسي لحركة التجارة في المنطقة، خاصة أن مشاريع إعادة الإعمار في سورية، التي كانت مجمدة نتيجة الأوضاع السياسية، ستشكل فرصة ذهبية للشركات الأردنية، لا سيما في قطاعات الزراعة، والصناعات التحويلية، ومواد البناء. أما الاستقرار الإقليمي، النسبي، يدفع أيضا نحو تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب والمحليين، وهو ما سينعكس إيجابيا على تدفق الاستثمارات إلى قطاعات رئيسية، فالصناعة والطاقة المتجددة ستكونان من بين أكبر المستفيدين، حيث من المتوقع أن تشهد مشاريع الطاقة توسعًا كبيرًا، خصوصًا مع إعادة تشغيل الربط الكهربائي بين الأردن وسورية ولبنان، لا سيما ان تصدير الكهرباء إلى دول الجوار سيخلق مصدر دخل جديدا، ويعزز موقع الأردن كمزود للطاقة في المنطقة. ومن الناحية الاجتماعية والاقتصادية، فإن عودة جزء من اللاجئين السوريين إلى بلادهم، مع تحسن الأوضاع هناك، ستخفف الضغط عن الاقتصاد الأردني، الذي تحمل أعباء ضخمة خلال السنوات الماضية، فهذا التطور سيؤدي إلى تقليل التكاليف المترتبة على استضافة اللاجئين، مما يمنح الحكومة مساحة مالية أكبر للاستثمار في مشاريع تنموية وتحسين الخدمات العامة. أما فيما يخص التضخم، فقد نجح البنك المركزي الأردني في كبح التضخم، حيث انخفض معدل التضخم من 4.2 % في 2022 إلى 1.56 % في عام 2024، وتشير التوقعات إلى أن استقرار معدل التضخم ضمن مستويات منخفضة ليبلغ 2.1 % في عام 2025، خاصة أن عام 2024 شهد تقلبات في الأسعار بسبب ارتفاع تكاليف الاستيراد، واضطراب سلاسل التوريد، التحديات ما تزال قائمة، لكن الاقتصاد الأردني أثبت قدرته على التكيف، مما يجعله قادرا على الاستفادة من هذه الفرص لتحقيق استقرار ونمو مستدام.