د. أديب حداد* عمان- يبدو أننا قادمون إلى مرحلة جديدة في الشرق الأوسط بسبب التحولات الجذرية في الأوضاع السياسية والاقتصادية العالمية؛ إذ تواجه أمتنا العربية مخططات استعمارية صهيونية تهدد وجودها وأمنها القومي واستقرارها السياسي والاقتصادي. فالهيمنة الأميركية الليبرالية أصبحت أكثر شدة وصرامة من السابق. فأصبح الوعد الترامبي أكثر سوءاً وابتزازاً من تداعيات وارتدادات وعد بلفور ومعاهدة سايكس بيكو. فتصفية القضية الفلسطينية وإقامة إسرائيل التوراتية وإعادة هيكلة الجغرافيا العربية، تتطلب بلورة موقف موحد طويل الأمد سياسياً واقتصادياً يعكس إرادة الأمة العربية في مواجهة المخططات الترامبية. فهل الأنظمة العربية قادرة على وطأة التحديات الترامبية الجديدة؟ وكيف يمكن للأمة العربية التفاعل والتكامل معه ومواجهة تداعياته وتحركاته الأخطبوطية؟ وما متطلبات المرحلة المقبلة لمواكبة سناريوهات ترامب وإفرازاتها؟ إن الإجابة عن هذه الأسئلة تدفعنا الى التفكير بحكمة وتكثيف جهودنا المشتركة لوضع قرارات وأدوات استراتيجية تعاون عربية مشتركة داخل وطننا العربي بعيداً عن التبعية السياسية والاقتصادية للخارج. وهذا يقودنا الى الاستنتاج المنطقي، أن إمكانية عقد قمة اقتصادية عربية خلال العام الحالي تعد تحولاً ديمقراطياً في النظام الاقتصادي العربي للمشاركة بإنشاء خطة إنقاذ عربية شاملة تتطلبها المرحلة الراهنة لمواجهة تقويض المعايير الدولية من تهديدات في الاحتلال وعقوبات تجارية واقتصادية وتحديات مستقبلية يقودها تاجر العقارات "بجعل أميركا عظيمة ثانية". فالمطلوب، أولاً وقبل كل شيء، توفر الإرادة والعزيمة والتصميم لدى صانعي القرارات السياسية والاقتصادية المحورية في الدول العربية للتغلب على الصعوبات التي تقف في طريق التعاون العربي المشترك. فالجميع يعلم أن مشكلة الأمة العربية في التعاون العربي تكمن أساساً في عدم وجود الإرادة الصادقة والجادة في تحقيق التكتل العربي واستمرار التبعية السياسية والاقتصادية للنظام الرأسمالي العالمي. ويبدو أن الدرس الذي يمكن للقمة الاقتصادية العربية استخلاصه في المرحلة الراهنة، هو أن التعاون فيما بين الدول العربية يشكل أفضل وسيلة لمواجهة تداعيات تلك الأزمات واستشراف المستقبل العربي اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً. فإنشاء علاقات قوية مبنية على التكامل والتكافل يؤدي إلى تخلص الدول العربية من التبعية للدول الرأسمالية التي تعرضها لمختلف أنواع المخاطر والضغوط السياسية والاقتصادية. ومن الجدير بالذكر، أن جلالة الملك عبد الله الثاني، دعا في مناسبات عديدة، من خلال لقاءاته مع القادة العرب وعبر المنتديات العربية، إلى ضرورة التعاون الاقتصادي العربي الهادف لتحقيق المصلحة العربية المشتركة، وذلك بإنشاء تكتل اقتصادي عربي أسوة بالتكتلات العالمية. فاجتماع القمة الاقتصادية العربية ليس مجرد اجتماع عادي كما كان سابقاً، وإنما خطوة جيوستراتيجية موحدة وإيديولوجية تأسيسية ومنهجية لتحديد مدى التنسيق العربي وإمكانية وضع التصورات والحلول الصادقة للوصول إلى تكتل اقتصادي عربي جديد بأدوات استراتيجية جديدة بعيداً عن الهيمنة الرأسمالية الإمبريالية العالمية. وخير دليل على ذلك ما تقوله التحليلات الاقتصادية العالمية، أن الزلزال الترامبي ما يزال في بدايته، وما هو إلا نقطة حاسمة في تاريخ الرأسمالية الاحتكارية الى الحد الذي يؤدي الى تدهور الاستثمار المالي والاقتصادي العالمي، كما حدث في الأزمة المالية العام 2008 التي امتدت تداعياتها لجميع دول العالم. إن أفضل السناريوهات المطروحة للوصول إلى تكتل اقتصادي عربي جديد، ه