يعد مؤشر الفساد العالمي أحد أبرز الأدوات التي تعتمد عليها المنظمات الدولية لتقييم مستويات الفساد في دول العالم، ويشكل معيارا حاسما للشفافية والنزاهة في القطاع العام. يصدر هذا المؤشر سنويا عن منظمة الشفافية الدولية (Transparency International)، وهي منظمة غير حكومية مقرها في برلين، تعمل على مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في جميع أنحاء العالم. يعتمد مؤشر الفساد على تقييمات شاملة لمستوى الفساد في القطاع الحكومي من خلال استطلاعات رأي الخبراء ورجال الأعمال، مع التركيز على مدى قدرة الحكومات على منع الفساد، وتفعيل الإجراءات القانونية والمحاسبية، وضمان استقلالية القضاء. ويقدم المؤشر تقييما دقيقا للأنظمة الحكومية، ويساهم في رسم صورة واضحة عن مدى نزاهة الحكومات في التعامل مع الفساد، وهو ما يعكس في النهاية القدرة على تحسين أوضاع الاقتصاد وحقوق الإنسان. يكتسب مؤشر الفساد العالمي 2024 أهمية خاصة، بتناول الدول العربية والأردن، ومكانتها في المؤشر، مع متابعة الجهود المبذولة لمكافحة الفساد والتحديات التي ما تزال تعيق التقدم بهذا المجال. يقوم مؤشر الفساد العالمي على مجموعة من المرتكزات الأساسية التي تتيح له تقييم مستوى الفساد في القطاع العام بالدول بشكل شامل ودقيق. أول هذه المرتكزات هو الشفافية المؤسسية، والتي تشير إلى مدى وضوح العمليات الحكومية والإدارية، ومدى قدرة المواطنين والإعلام على الاطلاع على قرارات الحكومات وميزانياتها، إذ تُعتبر الشفافية ركيزة أساسية لضمان المساءلة والمراقبة الفعالة. كما يعتمد على استقلالية القضاء، وهي من العوامل الجوهرية التي تؤثر في مستوى الفساد، فوجود نظام قضائي مستقل وفعال قادر على محاكمة الفساد دون تدخلات سياسية أو اقتصادية يعد مؤشرا رئيسيا على نزاهة الحكومة وقدرتها على تطبيق القانون بإنصاف. أما المرتكز الثالث فيتمثل في الحوكمة الرشيدة، التي تشمل قدرة المؤسسات الحكومية على إدارة الموارد العامة بكفاءة، وتنفيذ السياسات العامة بصورة عادلة وفعّالة، إذ تؤدي الإدارة السيئة أو الفاسدة إلى هدر المال العام وتشجيع المحسوبية والرشاوى. وبالتالي، فإن الفعالية الإدارية تعتبر عاملا محوريا في تقييم أي دولة في هذا المؤشر. كما يتم تقييم الفساد السياسي، ويشمل مدى تورط المسؤولين السياسيين في قضايا فساد مثل الرشوة، وتقديم الامتيازات غير القانونية، ووجود تضارب مصالح، الفساد السياسي يُعد من أخطر أنواع الفساد لأنه يمس أساسات النظام الديمقراطي ويؤثر في نزاهة الانتخابات وحريات الأفراد. ويعتمد المؤشر على وجود وتفعيل التشريعات المناهضة للفساد، وهي السياسات القانونية التي تحد من الفساد وتعزز من الشفافية، كقوانين مكافحة الرشوة، وإفشاء المعلومات، وحماية المبلغين عن المخالفات، وكل ما يساهم في بيئة قانونية تدعم القضاء على الفساد. تتضافر هذه المرتكزات لتشكيل صورة شاملة عن مدى استجابة الدول لمكافحة الفساد، ولقياس فاعلية الإجراءات الحكومية في تعزيز العدالة الاجتماعية، وحقوق الإنسان، والاستدامة الاقتصادية، ومن جهة أخرى يعتمد المؤشر على مجموعة من معايير تقييم الشفافية في الحكومات والمؤسسات العامة، واستقلالية القضاء، ومدى انتشار المحسوبية والرشاوى في القطاع العام لذا يعمل مؤشر الفساد بهدف قياس مستويات الفساد في القطاع العام عبر استطلاعات رأي الخبراء ورجال الأعمال. يتم تصنيف الدول على مقياس من 0 إلى 100، حيث تمثل الدرجة 0 أعلى مستوى من الفساد و100 تشير إلى بيئة خالية من الفساد، يعتمد المؤشر على مجموعة من المعايير التي تقيم الشفافية في الحكومات والمؤسسات العامة، واستقلالي