عمان - في ظل التحديات التي تواجه المشهد الثقافي في الوطن العربي، تبرز مبادرة "إربد تقرأ" كمنارة تضيء دروب المعرفة، مكرسة جهودها لتعزيز ثقافة القراءة وإعادة إحياء العلاقة بين الأفراد والكتاب. يقود هذه المبادرة الناشط الثقافي محمود علاونة، الذي جعل من القراءة رسالة يسعى لنشرها بين مختلف فئات المجتمع في مدينة اربد. انطلقت "إربد تقرأ" العام 2017 كفكرة بسيطة هدفها الأساسي تحفيز الأفراد على القراءة، وتطورت تدريجيا حتى أصبحت من أبرز المبادرات الثقافية في الأردن. كانت البدايات متواضعة؛ حيث بدأت بجهود فردية قادها محمود علاونة بمشاركة مجموعة من المتطوعين الشغوفين بالقراءة. وسرعان ما لاقت المبادرة تفاعلا واسعا من قبل المجتمع، مما دفع القائمين عليها إلى تطويرها وتوسيع نطاق أنشطتها. لم تكن الطريق خالية من التحديات، إذ واجهت المبادرة عقبات عديدة، منها العزوف عن القراءة في ظل هيمنة التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، وضعف الدعم المالي، وغياب الوعي الثقافي لدى بعض الفئات. لكن بالإصرار والجهد، استطاعت المبادرة تجاوز هذه العقبات، وخلقت بيئة مشجعة للقراءة، جذبت المهتمين بالثقافة والأدب. حرصت "إربد تقرأ" على تقديم مجموعة من الأنشطة التي تستهدف مختلف الأعمار، ومن أبرز هذه الفعاليات: المعارض الثقافية والفنية، من أبرزها معرض "تمازج اللون والضوء"، الذي جمع بين الفن التشكيلي والقراءة، وسلط الضوء على قضايا وطنية وثقافية من خلال اللوحات الفنية. أيضا، إطلاق تطبيق "إربد تقرأ"، إذ جاء هذا التطبيق تزامنًا مع اختيار إربد عاصمة للثقافة العربية للعام 2022، ويهدف إلى تعزيز مهارات التفكير وتنشيط الذاكرة من خلال تمارين ثقافية تفاعلية، وحملات تبادل وتوزيع الكتب، تشمل إقامة أكشاك مجانية في الحدائق والمراكز الثقافية، حيث يمكن للناس استعارة الكتب أو تبادلها. إلى ذلك، الندوات واللقاءات الأدبية، فقد تمت استضافة كتاب ومفكرين محليين وعرب لمناقشة قضايا أدبية وثقافية مع الجمهور، وفعاليات القراءة الجماعية كتنظيم جلسات قراءة في الأماكن العامة مثل المقاهي والحدائق، مما يعزز من قيمة القراءة الجماعية ويشجع على الحوار الثقافي. وورشات الكتابة الإبداعية التي تهدف إلى صقل مهارات الشباب في الكتابة الأدبية، وتشجيعهم على خوض تجربة التأليف. "إربد تكتب": مساحة للإبداع ودعم المواهب الأدبية في إطار سعيها المستمر للبحث عن دعم وتعزيز الإبداع الأدبي، تخطط مبادرة "إربد تقرأ" لإطلاق مشروع "إربد تكتب"، الذي يعد امتدادا لمشروع مكتبة الأسرة الأردنية الذي أسسته وأطلقته جلالة الملكة رانيا العبد الله. يهدف المشروع إلى إمداد المجتمع الثقافي والاجتماعي بجيل جديد من الكتاب والمبدعين، يتمتعون بالمهارات الأدبية والفنية، ويتقيدون بالمعايير الأخلاقية العالية. كما يسعى هذا المشروع إلى توفير منصة للمبدعين الجدد، تساعدهم على تطوير مهاراتهم اللغوية والفنية، مع تقديم الدعم اللازم لإصداراتهم الأولى. يركز "إربد تكتب" على تنظيم ورش عمل متخصصة في الكتابة الإبداعية، تشمل مجالات مثل القصة القصيرة، الرواية، الشعر والمقالات النقدية، بإشراف نخبة من الكتاب والأدباء. كما يعمل المشروع على توفير فرص نشر للأعمال المتميزة بالتعاون مع دور نشر محلية وعربية، بهدف إيصال صوت الكتاب الشباب إلى جمهور واسع. ولا يقتصر دور المبادرة على التدريب والنشر فحسب، بل تمتد رؤيتها إلى بناء مجتمع أدبي حاضن للمواهب، من خلال جلسات نقدية، ولقاءات مع كتاب محترفين، وتشجيع المشاركين على التفاعل وتبادل الخبرات. تسعى "إربد تكتب" لأن تكون نقطة انطلاق لجيل جديد من الأدب