القلعة نيوز- بيروت - سارة مطر - العربي الجديد
تتوالى منذ بدء تصعيد العدوان الإسرائيلي على لبنان، في 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، الاتصالات التي تدعو المواطنين والسكان إلى إخلاء منازلهم بشكل فوري من دون معرفة بمدى حقيقة الاتصال أو زيفه، وخصوصاً أنها ليست صادرة عن الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي ينشر عادة خرائط المناطق المستهدفة.
عادت ظاهرة الاتصالات المشبوهة وتكثفت في الأيام الأخيرة، ما أدى إلى خلق حالة من الهلع والخوف والإرباك في صفوف اللبنانيين. وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي معلومات تفيد بتلقي البعض اتصالات تحذيرية بضرورة الإخلاء في أكثر من منطقة ضمن نطاق العاصمة، ومن بينها اليوم إخلاء فندق في منطقة الروشة (بيروت)، وفي عدد من المناطق التابعة لمحافظة جبل لبنان، وصولاً إلى مدينتَي جبيل وجونيه (شمال العاصمة)، وفي محافظة الجنوب، حيث تداول مغرّدون فيديوهات لقرع أجراس الكنائس في بلدة مغدوشة لإيقاظ المواطنين بعد التهديدات التي وصلت لبعض السكان، من دون أن يتم التأكد من صحتها.
وأفاد مغرّدون بأنّ معظم الاتصالات وردت من أرقام مفبركة خالية من أي رمز أو مفتاح دولة، ما يستدعي الحذر منها وعدم التجاوب معها، كونها قد تكون في إطار الحرب النفسية. ونشروا نموذجاً عن الاتصالات والأرقام التي تهدّد بالإخلاء، إلى جانب أرقام قيادة الجيش اللبناني والقوى الأمنية لإبلاغها على الفور، لافتين إلى أن بعض التحذيرات طاولت منازل أو فنادق يقطنها نازحون لبنانيون، ما أدى إلى توتر وفوضى وترقب أي غارة إسرائيلية محتملة.
ويكشف مصدر أمني لـ"العربي الجديد" أن "من البديهي أخذ أي اتصال على محمل الجد حتى لو كانت الاتصالات نوعاً من المزحة أو بهدف الأذى الشخصي، كما اتّضح في حالات سابقة. إلا أن هناك اتصالات حقيقية في بعض الأحيان، كما حصل مع نازح ورده اتصال لإخلاء منزله المستأجر في مدينة عالية (جبل لبنان)، وتبيّن لاحقاً أن القصف الإسرائيلي استهدف منزله في الضاحية الجنوبية لبيروت، فقد كان هدف العدو الإسرائيلي إخلاء المنزل في الضاحية وليس في عاليه. وهكذا حصل مع نازح آخر في بلدة المنصورية (جبل لبنان)، حيث يتم اعتماد رقم الهاتف للشخص المستهدف، بغض النظر عن مكان وجوده".
ويحذّر المصدر من أن "جزءاً من الاتصالات كان حقيقيّاً، وبالفعل حصلت تحذيرات ومن ثم عدلوا عن الضرب، وقد تكون في إطار الترهيب فقط، وهناك اتصالات بهدف السرقة. كل ذلك وارد. لذلك، يجب الإخلاء فوراً والتبليغ وإفادة أقرب مركز عسكري ووحدة المخابرات التابعة لمديرية قوى الأمن الداخلي أو غرفة عمليات قيادة الجيش. وريثما يتم التأكد إن كان اتصالاً وهميّاً أم حقيقيّاً، لا يمكننا المجازفة بعدم الإخلاء".
ويوضح أنه "ليس من السهل معرفة مصدر الرقم الهاتفي، إذ هناك أنظمة وتطبيقات تمكّن الشخص أو الجهة من تغيير الرقم الحقيقي، فيظهر رقم آخر لدى الاتصال بأحدهم، أو يظهر الاتصال وكأنه من خارج لبنان، علماً أنه قد يكون من لبنان. لذلك، يتم التنسيق مع وزارة الاتصالات في هذا الشأن، لأن الخطوط الهاتفية تمر عبرها. وفي بعض الأحيان، يجب الحصول على إذن النيابة العامة العسكرية لملاحقة خط هاتفي معين. فالموضوع ليس محصوراً بالأجهزة الأمنية والعسكرية".
وينبّه مصدر أمني آخر إلى "ضرورة عدم الرد على أي اتصال من الخارج، خصوصاً في حال عدم وجود مغتربين لدينا. كما يجب الحذر من فتح بعض الروابط الواردة عبر تطبيق واتساب، لا سيما بحال ورودها من أرقام غريبة، لا نثق بها. نعيش اليوم في وضع استثنائي، لا يمكننا معرفة إن كان الاتصال من خط محلي أو خارجي، لأن العدو الإسرائيلي يملك إمكانات كبيرة، وطريقة عمله غريبة لا يمكن تقديرها، حيث يمكنه حتى الاتصال من رقم هاتف لبناني. لذلك، يجب أخذ الحيطة والحذر من أجل الحفاظ على السلامة والأمان. لا يمكننا المخاطرة، إنما من الضروري إبلاغ القوى الأمنية والأجهزة العسكرية ورفدها بالمعطيات اللازمة".
ويتابع في حديثه لـ"العربي الجديد": "ما شهدناه اليوم من اتصالات عديدة وردت للمواطنين في العاصمة بيروت وفي جنوبي البلاد مصدرها خارجي، لكن لا يمكننا التأكيد أو النفي إن كانت من العدو الإسرائيلي أم لا، خصوصاً أن تحذيراته تأتي عادة عبر شخص واحد وليس عبر الهواتف، لكن لا يمكن معرفة إن كان جيش الاحتلال يحاول إثارة البلبلة في صفوف اللبنانيين أم أن الاتصالات واردة من أحد المقرصنين المحليين. علينا انتظار نتائج التحقيقات الأمنية، وهي قيد المتابعة والتدقيق، فقد حصلت سابقاً حالات فردية ضمن إطار المزحة، وتم توقيف المتورطين فيها. وفي مدينة عالية (جبل لبنان)، شهدنا سابقاً كيف اتصل العدو بسائق سيارة للابتعاد قبل أن يقوم باستهداف سيارة كانت تسير أمامه".
وتكشف مايا المقيمة في منطقة الحدث القريبة من الضاحية الجنوبية لبيروت، أن أحد سكان المبنى ورده اتصال تحذيري بضرورة المغادرة، ما أثار حالة من الهلع الشديد، وهرع المواطنون من أسرّتهم إلى الشارع منذ ساعات الفجر الأولى، وفق قولها لـ"العربي الجديد". وفي صيدا (جنوباً)، تلقت هبة اتصالاً مشبوهاً، لكنها لم ترد على الإطلاق، وسارعت للهروب من المنزل.
وكانت "الوكالة الوطنية للاعلام" قد أفادت بإخلاء مبنى العجوز والمباني المحيطة به في تعلبايا البقاع الأوسط بعد ورود اتصال تهديد لأحد القاطنين فيه بضرورة إخلائه، اليوم. كما عاشت مدينة صيدا وضواحيها فجر أمس حالة من الخوف والهلع إثر تلقي عدد من المواطنين اتصالات تنذرهم بإخلاء المباني التي يقطنونها والابتعاد عنها مسافة خمسمئة متر، ولا سيما مدينة صيدا، عبرا، سيروب، جادة نبيه بري وحارة صيدا وبلدتي مغدوشة وعنقون.
المصدر : العربي الجديد.