كلام ليس متأخّرا فيما فجّره سمير الرفاعي ..
الأحزاب الحالية هي المعيق لتحقيق أهداف التحديث السياسي ، وهمّها توزيع المناصب والمغانم
لا برامج حزبية ، ضعف في الأداء وعدم قدرة على إحداث أي تغيير على مستوى الوطن

 القلعة نيوز: كتب / المحرر السياسي
قد يرى البعض بأنّ هذا التقرير جاء متأخرا، والعكس هو الصحيح ، يمكن للتقرير أن يتأخر لعام كامل ، فما تحدّث به رئيس اللجنة الملكية للتحديث السياسي سمير الرفاعي ، يصلح أن نتناوله على مدى شهور لأهميته البالغة ، لدى مختلف الفعاليات ماعدا الأحزاب السياسية ، وكأنّ الأمر لا يعنيها أبدا ، وكأن المتحدث شخص آخر لا يمتّ لسمير الفاعي بصلة أبدا ، خاصة وأننا ندّعي دخول الحياة الحزبية الحقيقية ، التي مازلنا بعيدين عنها تماما .
هو ليس حديثا أو حوارا خاض فيه الرفاعي ، بل قنبلة كبيرة ، تأخّر في تفجيرها ، وهو الرجل السياسي الذكي ، ابن العائلة التي رضعت السياسة وشربتها منذ ما يقارب الثمانية عقود ، وعندما يتحدث رئيس اللجنة شخصيا وبهذه المرارة ، لا بدّ من الإستماع والإنصات له .
شعور بالأسى والحزن والغضب ، وكنت أتوقع من الرفاعي أن يصرخ في وجه كل الأحزاب دون استثناء قائلا لهم بصوت عال .. ماهذا الذي كنّا نطمح إليه ، أنا غسلت يدي من أي مخرجات تتعلق بالأحزاب ، التي لا تدرك معنى أن تكون حزبا سياسيا وقائدا حزبيا ، هل مالدينا اليوم يمكن أن نطلق عليه صفة الحزب ؟
برامج مفقودة وغير موجودة أصلا ، الكثيرون تسابقوا وفق مصالح شخصية ضيقة ، المال سيّد الموقف ، ومن يدفع يصل للمجلس النيابي .. على أوني على دوي على تري ! هكذا كانت الحال مع مايسمّى الأحزاب السياسية التي أوهمتنا بأنها شاركت بقوائم حزبية ودعمت أشخاص في دوائر محلية لا يعرفون شيئا عن الحزب الداعم .
ويؤكد الرفاعي في صرخته أنّ أكثر من ربع مليون شخص لم يمنحوا أصواتهم للأحزاب ، وهذا يعني عدم الثقة بما هو موجود على الساحة ، والحصول على المقاعد في الدوائر المحلية كان بسبب الإعتماد على قواعد الأشخاص الإنتخابية وليس بسبب برامج الحزب والتي هي غير موجودة أصلا ، وغير قادرة حتى على صياغة ما يقنع المواطن .
الرغبة الملكية لم تكن بغرض توزيع المناصب والمغانم بل لتحقيق الشعور بأن المواطن هو صاحب القرار ومشارك فيه بصورة فاعلة وحقيقية ، وأن الأحزاب باتت هي المعيق للوصول إلى أهداف التحديث السياسي من خلال تصرفاتها في الإنتخابات النيابية الأخيرة ، بسبب ضعف الأداء وتجاهلها إشراك شرائح مجتمعية هامة .
الرئيس الرفاعي ومن خلال شعوره بالغضب الكبير مما آلت إليه الحالة الحزبية يقول بأنه قرأ كثيرا ولم يجد شيئا ، وهذه هو ملخّص الحالة الحزبية الراهنة ، فالأحزاب السياسية التي جرى إنشاؤها أو تلك التي قامت بتصويب أوضاعها ، لم تقدّم شيئا يذكر باستثناء الأطماع الواضحة بالوصول للمجلس النيابي ، من خلال عمليات بيع واضحة للمقاعد ، دون قيامها بعملية فرز داخلي لاختيار الكفاءات ، وممن هم قادرون على إيصال رسالة الحزب ، إن كان الحزب يمتلك رسالة أصلا .
الأحزاب السياسية وعلى رأي سمير الرفاعي عاجزة عن إحداث التغيير داخلها ، فكيف لها أن تتمكن من إحداث تغييرات جوهرية على ساحتنا الداخلية ، هل يمكن لها صناعة التغيير ، أم اكتفت بما لديها ، وهي التي مازالت متخلّفة كثيرا عن اللحاق بالحزب الأكبر والأكثر مؤسسية ، جبهة العمل الإسلامي الذي يعرف من أين تؤكل الكتف ، ويعمل على تجيير الشارع لصالحه .
وفي كل الأحوال ؛ فإن صرخة سمير الرفاعي مازالت موجودة ، وتأثيرها سيبقى لفترة قادمة لا نهاية لها ، حتى نشهد أحزاب سياسية حقيقية لا أشباه أحزاب ، فالرؤية الملكية واضحة ، ولكن المهم من يتلقّف الرسالة بصورة ذكية ، وينطلق بأفق حزبي جديد مختلف ، لا السير على نفس النهج العقيم الحالي .

.