يعود الصراع في سوريا على خطوط الطاقة إلى ما بعد استقلال سوريا عن الاحتلال الفرنسي في عام 1946، حيث رفض الرئيس السوري آنذاك، شكري القوتلي، مشروع خط أنابيب التابلاين الذي كان يهدف إلى نقل النفط من السعودية والخليج إلى لبنان عبر سوريا، وردًا على ذلك، دبرت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية انقلابًا في سوريا، أطاحت بالرئيس القوتلي، وفق مركز "كاندل" للدراسات.
ويرى أن الاهتمام الأوروبي بالمشروع قد يعود في إطار الاستغناء عن الغاز الروسي، والذي حاربته الولايات المتحدة الأمريكية ، إذ كانت روسيا من أبرز مورّدي الغاز الطبيعي لأوروبا عبر التاريخ ، حيث بلغت صادراتها ذروتها بين عامي 2018 و2019 بحجم يتراوح بين 175 و180 مليار متر مكعب سنويًا وأهم الممرات التي كانت مستخدمة هي خطوط الأنابيب عبر أوكرانيا ومنها أيضا" خط أنابيب "السيل التركي" (ترك ستريم)، والذي ينقل الغاز عبر البحر الأسود إلى تركيا، ومن ثم إلى دول جنوب وجنوب شرق أوروبا.
واستطرد: "لا شك بأن الأسعار تختلف كثيرا" وتتفاوت ما بين الغاز الطبيعي والذي كانت روسيا تصدره إلى أوروبا عبر الأنابيب وما بين الغاز المسال، والذي حاولت الولايات المتحدة أن تستبدله بالغاز الروسي والذي استفادت منه الولايات المتحدة بشكل كبير وجنت مليارات الدولارات، نتيجة تصديره كبديل للغاز الروسي، وقد بلغ حجم صادراتها عام 2024 حوالي 43.8 مليون طن بقيمة تبلغ حوالي 32 مليار دولار .
ولفت إلى أن هذا الجانب ضاعف من مشاكل أوروبا ورفع من تكاليف صناعتها، كما رفع معدلات التضخم، مما اضطرها إلى رفع معدلات الفوائد، بشكل كبير وصل إلى حدود 4 بالمئة، مما انعكس بشكل كبير على الأداء الاقتصادي، ولا سيما الصناعي وبشكل سلبي اضطرت معه بعض المصانع الأساسية تقفل أو تخفض من نشاطها مثل "مصنع فولكس فاغن ومصنع بي ام دبليو للسيارات"، كما تواجه الكثير من الصناعات التحويلية الكثير من المشاكل بسبب ارتفاع أسعار الطاقة.
ويرى أن واشنطن تدعم المشروع إذا كان يحقق أهدافها الاستراتيجية، مثل تقليل النفوذ الروسي في سوق الطاقة الأوروبي، ومع ذلك، يبقى موقفها مرتبطًا بمصالحها الأوسع في الشرق الأوسط والتوازن بين حلفائها الإقليميين، مثل قطر والسعودية.
وأشار إلى أن الوضع الأمني والسياسي في سوريا ورغم بعض التحسن، يمثل أكبر تحد بالنسبة لهذا المشروع، يضاف إليه العقوبات الدولية وعدم الاستقرار الكامل، كما تكلفة بناء الخط ستكون مرتفعة للغاية بسبب الحاجة لإعادة تأهيل البنية التحتية في سوريا، وتأمينها وارتفاع أقساط التأمين في دولة غير مستقرة، مما يجعل كلفة النقل ورسوم العبور مرتفعة جدا .
في الإطار قال الخبير الاقتصادي المغربي، أوهادي سعيد، إن سقوط حكومة بشار الأسد، أعاد إلى الواجهة "مشروع أنبوب الغاز القطري الأوروبى"، مرورا بالسعودية والأردن وسوريا وتركيا وبلغاريا بطول 1500 كلم بتكلفة تقدر بأكثر من 20 مليار دولار. ولفت إلى أن المشروع أطلق سنة 2009 عارضته بشدة حكومة الأسد، آنذاك، وكانت الفكرة محاولة أوروبا لتنويع إمداداتها من الغاز وعدم الاعتماد على روسيا التي تمثل إمداداتها إلى أوروبا 40% قبل نشوب الحرب الروسية الأوكرانية قبل أن تنزل إلى أقل من 8%. وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن المشروع يتنافس مع مشاريع أخرى أهمها خط إيران عبر العراق سوريا تركيا إلى أوروبا (الخط الإسلامي ) والخط العربي الممتد من مصر ووصول الغاز من أذربيجان إلى تركيا، عبر جورجيا العابر للأناضول، والذي يمد السوق التركية والسوق الأوروبية. ويرى أن أوروبا تحتاج إلى بديل للغاز الروسي باستهلاك يقارب 400 مليار متر مكعب حسب تقديرات 2022.
عراقيل عدة ويرى أن المشروع القطري يواجه عراقيل عديدة أهمها: أولا الحاجة إلى استقرار سياسي وأمني بسوريا، حيث يبقى الوضع في انتظار إرساء نظام ديمقراطي، وكسب دعم إقليمي ودولى لاعادة إعمار البلاد.
ثانيا: العوامل الجيوسياسية بين دول المرور، بالإضافة إلى المقاومة الإقليمية ومتطلبات السوق المتغيرة.
ثالثا: معارضة المنتجين واللاعبين الدوليين، حيث يبدو أن قطر تركز على توسيع قدراتها في إنتاج الغاز الطبيعي المسال، من 77 مليون طن إلى 142 مليون طن سنويا في أفق2030، وهي تتوفر على احتياطات تقدر ب 900 تريليون قدم مكعب ما يمثل 14%من الاحتياطي العالمي، إلا أن حاجياتها من الاستثمارات، جد مهمة ويبدو أن شحنات الغاز المسال تتطلب مثلا قرابة 128 سفينة إضافية من دول واليابان والصين.
رابعا: تكلفة الإنشاء باهضة بحيث أن مقارنة بسيطة مع خط أنابيب ممر الخط الجنوبي الذي يمتد على طول 3500 كلم بتكلفة قدرتها 40مليار دولار، بينما مشروع قطر أوروبا ب 1500 كلم بتكلفة 20 مليار دولار أي نصف تكلفة الخط الأول، أضف إلى ذلك أن خط إيران عبر العراق سوريا تركيا إلى أوروبا ل 2000 كلم لن تتجاوز التكلفة بين 6 و8 مليار دولار.