-القلعة نيوز- يقطع الكثير من الأشخاص في بداية العام الجديد وعودًا على أنفسهم بإجراء تغييرات على نمط حياتهم، وغالبًا ما تكون هذه الوعود متعلقة بصحتهم.

وتنتشر مع بداية كل عام العديد من مقاطع الفيديو المضحكة على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تبشر بأن النوادي الرياضية ستمتلئ بالمشتركين الجدد مع بداية العام الجديد، لكن سيختفي قسم كبير منهم مع انتهاء الشهر الأول.

وعلى الرغم من ارتفاع اهتمام جميع فئات المجتمع بالرياضة خلال السنوات الأخيرة، خصوصًا بعد انتهاء فترة وباء كوفيد-19، إلا أن النساء كانت الفئة الأكثر اهتمامًا بالبدء بممارسة الرياضة والتسجيل في النوادي الرياضية، بحسب البيانات في دول كثيرة حول العالم.

ومع ارتفاع نسبة اهتمام النساء بالرياضة خلال العقد الماضي، ارتفعت أيضًا نسبة اهتمام الباحثين باكتشاف الطرق الأمثل لممارسة الرياضة بالنسبة للنساء، ومعرفة ما إذا كان هناك فروقات بين الجنسين في طريقة الاستجابة للتمارين أو نوع الإصابات أو تفاصيل أخرى.



هل على النساء التدرب بشكل مختلف؟
تقول لنا داليا زاويل، وهي مدربة رياضية تحمل شهادة في العلوم البيولوجية من بيروت وقد تابعت دراساتها العليا في اليابان قبل أن تقرر التفرغ تمامًا للتدريب الرياضي، إننا "لطالما كنا نعتقد أن هناك اختلافًا كبيرًا بين الرجال والنساء في ما يتعلق بالقدرة على ممارسة التمارين الرياضية ورفع الأثقال. كنا نعتقد أن على النساء أن يتدربن لعدد أقل من الأيام وبأوزان أقل أيضًا. كما كان يُعتقد أنه يجب عليهنّ عدم ممارسة الرياضة أو رفع الأثقال خلال فترة الطمث".

وتضيف: "لكن الدراسات الأخيرة لا تؤيد هذه الاعتقادات. فرغم وجود دراسات بنتائج متناقضة منذ ثمانينات القرن الماضي، إلا أننا عندما قام الباحثون بتقييم وتحليل مجموعة كبيرة من الدراسات للخروج باستنتاج موحد حول الموضوع، لاحظوا عدم وجود تغيير يذكر في القوة بين الرجال والنساء خلال فترة الطمث لدى النساء".

وتتابع زاويل أن الباحثين ذكروا أن التغير في مستوى الأداء كان سببه في غالبية الأحيان متلازمة ما قبل الحيض وما ينتج عنها، مثل الشد العضلي في منطقة البطن أو ما يسمى بعسر الطمث قبل الدورة الشهرية، أو التغير المزاجي والشعور بالتعب، ولم يكن ذلك ناتجًا عن عدم قدرة جسدية حقيقية على ممارسة الرياضة.

وتشير زاويل إلى أن "هذا ما لا يعاني منه الرجال، فليس لديهم تغير هرموني بهذا الشكل المنظم والأكيد والمتكرر كل شهر".

ومن تجربتها الشخصية، تقول داليا إنها تعاني من ألم في الظهر خلال فترة الطمث، وعندما تتدرّب باستخدام الأوزان الثقيلة، تشعر بألم في ظهرها يستمر لفترة أطول من المعتاد، قد تمتد لأسبوع أو اثنين. بينما لا يحدث ذلك عندما تقرر التدرب بوزن أقل من المعتاد في اليوم الأقسى من الطمث.

ولذلك، تنصح داليا النساء بالاستماع إلى أجسادهنّ وتعديل قساوة التمرين وفقًا لما يشعرن به، وأن يسألن أنفسهن: "هل أنا فعلاً غير قادرة على التمرين، أم أنني فقط غير متحمسة لذلك؟ هل أنا مرهقة حقًا، أم يمكنني التمرين ولو بوزن أقل من المعتاد؟".

وتضيف: "هناك نساء يشعرن بأنهنّ أقوى من المعتاد في فترة متلازمة ما قبل الحيض، بينما تشعر أخريات بالقوة خلال فترة الطمث، وأخريات يشعرن بالضعف في هذه الفترة. وقد يختلف ذلك من شهر إلى آخر لدى نفس السيدة أيضًا".

وتشير المدربة الرياضية إلى أن "نظام حياة كل امرأة يختلف عن الأخرى، وتختلف أيضًا تجربتها وخبرتها في التدريب، بالإضافة إلى وزنها ووزن كتلتها العضلية. فجميع هذه التفاصيل مهمة وقد تحدث فارقًا. ولذلك، لا يمكننا اعتماد جدول تدريب موحد لجميع النساء".

وتنبه داليا أيضًا إلى أن بعض الحالات المرضية المتعلقة بالجهاز التناسلي، مثل بطانة الرحم المهاجرة ومتلازمة المبيض متعدد التكيُسات، قد تتسبب في أوجاع إضافية وأكثر حدّة لدى النساء المصابات بها، مما قد يؤثر على أدائهنّ الرياضي قبيل فترة الطمث وخلالها. وتشير إلى أن بعضهنّ قد لا يكنّ على علم بإصابتهنّ بهذه الأمراض.

وتقول: "في النهاية، تشير نتائج الدراسات إلى متوسط الأشياء بشكل عام، ولا تكون نتائجها شاملة أو فردية أو قاطعة".

وتضيف: "ولذلك، لا يجب أن نتبع الدراسات بشكل حرفي، لأنها قد لا تناسب فرديتنا بتفاصيلها. لكنها تعطينا معلومة علمية نستند إليها ونبني عليها تفاصيل أخرى، انطلاقًا من خبرتنا كمدربين وتجارب المتدربين الشخصية، لننصحهم بما هو الأفضل لصحتهم والأكثر ملاءمة أيضًا لأسلوب حياتهم".

متى تكون النساء "أكثر عرضة للإصابة"؟
يشير حسن عون، وهو مدرب رياضي حاصل على ماجستير في القوة والتكيف الرياضي من فرنسا، وماجستير آخر مخصص لتدريب لاعبي كرة القدم، في حديثه لبي بي سي عربي، إلى أن إحدى الدراسات العلمية التي بحثت في أسباب الإصابات المرتفعة في الرباط الصليبي الأمامي لدى لاعبات كرة القدم، أثبتت أن لاعبات كرة القدم المحترفات عرضة للإصابة بالرباط الصليبي الأمامي بنسبة 6 مرات أكثر من الرجال.

ويضيف عون أنه يُعتقد أن "أحد أبرز الأسباب وراء ذلك هو التغير الهرموني، وبالتحديد في مرحلة ما قبل الإباضة مباشرةً، عندما يصل هرمون الإستروجين إلى أعلى مستوياته".

ويجعل الإستروجين الأربطة، مثل الرباط الصليبي الأمامي، أكثر رخاوة وقابلية للتمدد.

ويضيف عون أن أحد الأسباب وراء ذلك يتعلق أيضًا بأن لدى النساء زاوية أكبر لعضلات الأرجل الخلفية، ما يضع الركبة في وضعية غير صحيحة أحيانًا، مما يزيد من نسبة تعرضهن للإصابة.

ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت هذه النتائج تنطبق أيضًا على أجزاء أخرى من الجسم أو تحدث في رياضات أخرى، أم أنها تنحصر في الرباط الصليبي الأمامي وفي لعبة كرة القدم.

إلا أن ما أثبتته الدراسات، بحسب عون، هو أن النساء لديهن أفضلية فيما يتعلق بالوقت المطلوب للتعافي بعد تمرين رفع الأثقال مقارنة بالرجال.

ويشير عون إلى أن "السبب وراء ذلك غير واضح، لكنه من الممكن أن يرتبط بحقيقة أنهن يحملن في الإجمال أوزانًا أقل من الرجال، لأن وزنهن عادةً ما يكون أقل وكتلتهن العضلية أقل أيضًا، وبذلك يحملن أوزانًا أقل ويحتجن، بسبب ذلك، إلى قسط أقل من الراحة للتعافي". ويضيف: "لكن ليس من الواضح حتى الآن إذا ما كانت هناك عوامل أخرى أيضًا وراء ذلك تتعلق بجنسهن وهرمونات جهازهن التناسلي".

بي بي سي

 
.