اجتماع عمّان الخُماسي ، يتزامن مع مخاوف تقسيم سوريا
كريستين حنا نص
القلعة نيوز:
انعقد أمس اجتماع خماسي بالغ الأهمية للدول المجاورة للدولة السورية، وذلك في عمّان عاصمة المملكة الاردنية الهاشمية ، وهذا الاجتماع ضم وزراء الخارجية والدفاع ورؤساء هيئات الأركان ومديريات أجهزة المخابرات للدول الخمس المشاركة ، وهي : الأردن الدولة المضيفة وسوريا والعراق ولبنان وتركيا .
تمّ خلال هذا الاجتماع بحث أهم القضايا والملفات، وأهمها الملف الأمني الذي تصدر نقاشات الاجتماع، حيث تمّ بحث سُبل وآلية التعاون من أجل محاربة الإرهاب، وأهمها أيضاً جهود وقف تهريب المخدرات وخطر تسلل المسلحين وتهريب السلاح إلى دول الجوار، أي الاردن ولبنان والعراق وتركيا، والعمل على مواجهة هذه التحديات المشتركة، والهدف الاساسي لا ينحصر فقط بمسألة أمن هذه الدول، بل أيضاً السعي نحو مساعدة الدولة السورية الجديدة في بسط الاستقرار داخلها، والقضاء على خطر الارهابيين وتهيئة الظروف المناسبة لعودة اللاجئين السوريين الى بلدهم سوريا.
وهذا الاجتماع يأتي ضمن جهود المملكة الاردنية الهاشمية المتكررة لمساعدة سوريا على مدى الأزمة السورية، والآن أيضا يتزايد هذا الجهد خاصة في الفترة الأخيرة أي بعد سقوط نظام البعث السوري فيها، كذلك مساعي الاردن تقديم ما بوسعها في ظل التطورات الأخيرة المتلاحقة في سوريا، والهدف هو الحفاظ على الأمن السوري الداخلي.
ولقد تمخض عن هذا الاجتماع الخماسي تشكيل تحالف اقليمي بين هذه الدول، التي تتشارك في موقعها المجاور لسوريا، والهدف الأسمى لهذا التحالف هو القضاء على فلول داعش وذلك على غرار ومبدأ التحالف الدولي القائم للتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية والمدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية لمحاربة داعش أيضاً، حيث نجحت هذه القوات أي سوريا الديمقراطية في استعادة الرقة عاصمة ما يسمى الخلافة الاسلامية (داعش)، والسؤال هُنا، هل هذا التحالف الاقليمي للدول المجاورة لسوريا سوف يتشكل في طريقة مشابهة للتحالف الدولي في صورته العسكرية الضخمة؟، أعتقد أن هذا التحالف الخُماسي سوف يكون فقط تحالف سياسي استخباراتي، ولكن ليس تحالفاً عسكرياً، وهذا المؤتمر للأسف يتزامن مع الأحداث الدامية والاقتتال الطائفي الذي تشهده في الاونة الاخيرة مناطق الساحل السوري ذات الاغلبية من الطائفة العلوية وقوات ( أحمد الشرع) الدولة السورية، وأيضاً من جهة أخرى الصراع المسلح بين العلويين والمجموعات الارهابية المتفرقة، التي أيضاً هجّرت وقتلت المسيحيين في قرية معلولا التاريخية ، والتي الى الان يتكلم أهلها الارامية وهي لغة السيد المسيح ، وللأسف الوضع العام هو عدم النجاح في السيطرة الامنية في سوريا الى الآن ، وهذا الانفلات الأمني في الساحل السوري والذي أدى الى مقتل أكثر من ألف مدني ، حسب تقرير المرصد السوري لحقوق الانسان.
أعتقد أن أهمية هذا الاجتماع ومضمونه هو ليس انشاء تحالف عسكري، على غرار التحالف الدولي في سوريا، ولكن هو تحالف سياسي، وأهمية هذا الاجتماع بالنسبة للأردن هي أن لا تكون هناك فوضى أمنية وبقايا لفلول تنظيم داعش في البادية الجنوبية لسوريا ، وعلى الحدود الاردنية ، خاصة انه قد حصلت مؤخراً اشتباكات على الحدود بين مسلحين اجتازوا الحدود الأردنية وبين قوات الجيش والأمن الأردنية التي تصدت لها، كذلك خطر وجود ميليشيات ايرانية أيضاً ، وفي الوقت الحالي يوجد انتشار لداعش الآن في البادية السورية .
كما أعتقد أيضاً أن الرسالة الاردنية من أنعقاد هذا الاجتماع الخماسي، هي رسالة مفادها أن الدول العربية المجاورة لسوريا مجتمعة تريد فرض القوة العربية والمساهمة في فرض الاستقرار السوري، والتأكيد أنه ليس جهد فردي فقط للدولة التركية ، وحتى لا تكون تركيا متفردة وحدها تقوم بفرض سيطرتها وهيمنتها على سوريا ، أي أن الدول العربية المجاورة تريد أيضاً المساهمة في مستقبل سوريا، وبالأخص بعد القضاء على المحور الايراني مؤخراً ، وأن لا يُستبدل بمشروع آخر تركي يتم به ملء الفراغ ، بل يكون بمشروع مشترك لا يتم فيه اقصاء الدول العربية المجاورة لسوريا ، بل يشاركوا مجتمعين في التنسيق مع الدولة التركية ، لمصلحة سوريا الجديدة وأيضاً مصلحة الدول العربية وسياستها التي تهدف دائماً الى عدم تقسيم سوريا والإبقاء على وحدتها وسيادتها ودعم سوريا الجديدة، لضمان الثبات والوقوف في مرحلة انشاء الدولة السورية الجديدة ، والتي هي الآن في مرحلة الانشاء خاصة في خضم هذه التحديات الجمّة التي تواجهها ، وبشكل خاص التدخلات الخارجية المتعددة والتي زعزعت سيادة الدولة السورية منذ اندلاع المظاهرات فيها، والتي تعسكرت حتى الآن ، واليوم تعاني الدولة السورية الكثير في سبيل لملمة جراحها النازفة بسبب الحرب، ووجود مؤشرات تهدد تقسيمها، ومخاوف أخرى من القوى الطامعة في احتلالها لاعادة أمجادها الاستعمارية الماضية.
.