قبل تبني القمة العربية الطارئة في القاهرة خطة إعمار غزة التي قدمتها مصر، كانت حكومة نتنياهو تعمل بدأب على خطة معاكسة لتسهيل تهجير أبناء القطاع، مستوحاة من فكرة ترامب.
وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش يتولى العمل على الخطة الإسرائيلية، وقبل أيام زار واشنطن للمرة الأولى بعد رفع المنع الذي كان مفروضا عليه زمن إدارة بايدن، وأعلن بعد الزيارة أن التحضيرات جارية لإنشاء سلطة هجرة واسعة للإشراف على عملية نقل سكان غزة إلى وجهات خارجية عن طريق إسرائيل.
سكان غزة في وضع كارثي، خاصة مع تشديد الحصار على المعابر، ووقف دخول المساعدات. وبالأمس اتخذت إسرائيل قرارا بوقف الكهرباء والنية تتجه لقطاع المياه. ولا يوجد في الأفق ما يشير إلى إمكانية الخروج من حالة الجمود في المفاوضات للدخول في المرحلة الثانية من اتفاقية الهدنة.إسرائيل غير راغبة إطلاقا بالوصول لاتفاق ينهي الحرب في غزة قبل، تنازل حركة حماس عن السلاح والخروج نهائيا من القطاع.
أما الخطة العربية لإعمار القطاع، فهى الأخرى أسيرة حالة الجمود ومصيرها بيد إسرائيل، هذا على فرض موافقة إدارة ترامب عليها، وهو أمر غير مؤكد في الوقت الحالي، ومن ثم توفر الموارد المالية اللازمة للبدء بالتنفيذ،وهذا في عالم الغيب أيضا بانتظار فحص نوايا الدول المانحة في المؤتمر المقرر في القاهرة الشهر المقبل.
في ضوء الحالة الراهنة، لا يمكن أن نذهب بعيدا في التوقعات، وأفضل مايمكن رؤيته في المدى المنظور،تمديد الهدنة لعدة أسابيع، قبل استئناف المفاوضات لمهلة أخرى من جديد.
إذا كانت قدرة إسرائيل على استئناف القتال مقيدة لاعتبارات تتعلق بحياة أسراها والضغوط الأميركية،فإن خيار إسرائيل المفضل سيكون إبقاء الوضع القائم على حاله، والعمل في نفس الوقت على تقديم تسهيلات كافية لمغادرة أكبر عدد ممكن من سكان القطاع لبلدان أخرى.
صمود أبناء القطاع لن يكون ممكنا لفترة أطول بدون ضوء في نهاية النفق، ومواصلة الحياة وسط هذه الظروف المأساوية سيغدو صعبا على الكثيرين. وقد تدفع حالة اليأس بهم إلى القبول بخيار الخروج من القطاع، في حال توفرت فرصة لحياة أفضل لعائلاتهم.
ينبغي عدم إسقاط هذا الخيار من الحسابات، فسكان غزة مثلهم مثل سائر البشر يبحثون عن حقهم بحياة كريمة، عوضا عن البقاء في خيام وسط الدمار دون أمل في انفراج الأوضاع.
إسرائيل تعمل بذكاء على هذا الخيار، وتسعى جاهدة لجعله المسار الوحيد المتاح أمام الغزيين، في ظل انعدام الأفق للخروج من الحالة الراهنة.
إذا نفضت الإدارة الأميركية يدها من الخطة العربية، فلن تجد غير خطة سموتريتش، لدعمها، عن طريق إغراء دول عديدة في العالم بقبول استقبال اللاجئين من القطاع.
الغد