كتب الدكتور محمد الهواوشة : في الدورة العادية الأولى لمجلس النواب العشرين، أثيرت موجة من الجدل حول تشكيل اللجان النيابية، وهو الأمر الذي يعكس مرة أخرى واقع الممارسة الديمقراطية في الأردن. ورغم أن اللجان البرلمانية تُعد ركيزة أساسية للعمل التشريعي والرقابي، إلا أن توافق الكتل النيابية والأعضاء جاء ليؤكد أن الديمقراطية الأردنية ما زالت تعاني من تحديات جوهرية. أحد أبرز محاور النقاش كان استبعاد حزب جبهة العمل الإسلامي من اللجنة القانونية، بالرغم من امتلاكه خبرات سياسية وقانونية مؤهلة. والأمر الأكثر استغراباً هو تجاهل شخصية بارزة كالنائب صالح العرموطي، الذي شغل منصب نقيب المحامين لعدة دورات، ومن المفترض أن يكون إضافة نوعية لأي لجنة قانونية. هذا التهميش أثار العديد من التساؤلات: هل التوافق في تشكيل اللجان يعكس الكفاءة والخبرة؟ أم أنه مجرد توزيع للمقاعد على أساس المحاصصة السياسية بعيداً عن المصلحة العامة؟ أزمة ديمقراطية أم تصفية حسابات؟ إن استبعاد شخصيات مثل العرموطي، المعروف بمواقفه الجريئة وخبرته العميقة في المجال القانوني، لا يمكن تفسيره إلا على أنه انعكاس لخلل في آلية اتخاذ القرار داخل المجلس. هذا الخلل يعكس إما تصفية حسابات سياسية أو محاولة للحد من وجود أصوات معارضة وقوية داخل اللجان. وفي كلا الحالتين، يضر هذا التوجه بسمعة الديمقراطية الأردنية ويضعف ثقة المواطنين بالمؤسسة التشريعية. الكفاءة مقابل الولاء بدلاً من أن تكون اللجان البرلمانية منصة لتقديم الكفاءات وخدمة التشريع، يبدو أن المعيار الأهم في التوافق الحالي هو الولاء السياسي والانتماء الكتلي، وهو ما يتنافى مع أسس الديمقراطية الحقيقية. فقد أظهرت الممارسة الحالية أن المجلس لا يزال يفتقر إلى رؤية استراتيجية تُعطي الأولوية للكفاءة والخبرة. نحو إصلاح حقيقي لا يمكن تجاهل أن هذه الأزمة ليست جديدة، بل...