كتب الدكتور محمد الهواوشة  في زمن تطغى فيه التحديات الاقتصادية ويزداد الحديث عن الترشيد وضبط النفقات، يتساءل المواطن البسيط عن مدى جدية هذه التصريحات حينما تأتي من قاعات السلطة العليا، حيث القرارات تصاغ والخطط تُرسم. ومن بين الأصوات التي تتصدر هذا المشهد، يخرج علينا جعفر حسان، متحدثًا عن الترشيد وضرورة ضبط المصاريف، بينما الواقع يقول عكس ذلك تمامًا. كيف لنا أن نصدق دعوات الترشيد من حكومة تضم 32 وزيرًا، في وقت يمكن فيه دمج العديد من الوزارات لتقليل النفقات؟ هل يعقل أن يستمر الإنفاق على هذا العدد الكبير من الوزارات، ونحن نشكو من مديونية خانقة وأزمة اقتصادية تخنق المواطن؟ بل وأكثر من ذلك، مستشارون برواتب فلكية يكلفون الخزينة أرقامًا هائلة دون أن نرى أثرًا ملموسًا لوجودهم! المفارقة في خطاب جعفر حسان هي أنه يُطالب المواطن بشد الحزام، بينما الحزام الحكومي لا يزال مترهلًا. يُطلب منا التخلي عن أبسط حقوقنا، مثل دعم أساسي للغذاء أو الطاقة، في حين تصرف الملايين على مكاتب ومستشارين وامتيازات. أي عدالة هذه؟ إذا كان الترشيد حقيقيًا وجادًا، فهو يبدأ من رأس الهرم، من تقليص الوزارات، وإلغاء الامتيازات غير المبررة، والاستغناء عن المستشارين الذين لا تُعرف طبيعة عملهم. أما أن يُطلب من المواطن التضحية في وقت لا يرى فيه أي تضحية من المسؤولين، فهذا ما يعمّق فجوة الثقة بين الشعب والحكومة. يا جعفر، عليتني واقفيت، لأن خطابك لا يعكس واقعًا ولا يعالج أزمة. إذا أردت أن نتقبل دعوات الترشيد، فعليك أن تبدأ بنفسك وبحكومتك. المواطن الأردني ليس بحاجة إلى شعارات؛ هو بحاجة إلى أفعال تُقنعه أن الجميع يدفع الثمن، لا فقط الطبقة المسحوقة