وطنا اليوم_بقلم _ابراهيم السيوف_سقط عرش الأسد، وسقط معه آخر قلاع الطغيان في قلب الشرق الأوسط. كان سقوطه أشبه بانفجار مدوٍّ أطاح بجدران الصمت والخوف، لكنه أيضاً فتح أبواباً واسعة للفوضى، لتغدو سوريا اليوم ميداناً لصراع أمم يتسابق فيها الجميع على حصد الغنائم. لم يكن انهيار النظام مجرد نهاية حقبة، بل بداية لعاصفة جديدة تحمل في طياتها أقدار سوريا والمنطقة بأسرها.   انهيار النظام كشف عن فراغ سياسي وأمني هائل، تسابق على ملئه قوى داخلية وخارجية، كلٌّ ينهش ما تبقى من هذا الجسد المنهك. سوريا، التي كانت يوماً رمزاً للصمود في وجه الأطماع، أصبحت اليوم شبحاً تنهشه المخططات والمصالح. في الداخل، يقف الشعب السوري على أطلال وطن ممزق، بينما تتنازع القوى الإقليمية والدولية على رسم ملامح المستقبل، في سباق يطفح بالمكر والخديعة.   لم يكن سقوط الأسد نصراً خالصاً ولا هزيمةً كاملة. هو لحظة الحقيقة التي عرت الجميع؛ إيران تخسر ذراعها الاستراتيجي الأهم، وتركيا ترى في الفراغ فرصة للتوسع، والدول العربية تقف بين الترحيب الحذر والخشية من تداعيات قد تصل إلى عتباتها. أما روسيا، التي خاضت معركة الأسد حتى نهايتها، فهي الآن في موقف دفاعي، تسعى لإنقاذ ما تبقى من نفوذها، فيما الغرب يرقب المشهد من بعيد، متردداً بين التدخل والانتظار، ومترقباً لفرصة تعيد له السيطرة على خيوط اللعبة.   سوريا بعد الأسد ليست وطناً يستعد للنهوض، بل ساحة شاسعة للاحتمالات المدمرة. الحديث عن إعادة الإعمار يبدو الآن أقرب إلى السراب، فالحقيقة أن كل حجر سيُرفع في دمشق سيكون موضوع تفاوض في دهاليز السياسة. هذا البلد، الذي كان يوماً قلب العروبة النابض، يواجه الآن خطر التقسيم والتلاشي.   المأساة الحقيقية ليست فقط في سقوط نظام، بل...