وطنا اليوم:مع انقلاب نوفمبر/تشرين الثاني 1970 أصبح حافظ الأسد وعائلته مسيطرين على الدولة السورية بقبضة من حديد؛ فالرجل الذي ارتقى من منصب وزير الدفاع ثم إلى رئاسة الجمهورية، لم يكن ليقبل إلا بتعيين أخيه رفعت الأسد ذراعا يُمنى له، وقائدا لـ”سرايا الدفاع” التي استقلت عن الجيش ليكون حصنه الحصين، وقلعته الأمامية. ولم يكتف حافظ بترقية وترفيع المقربين منه عائليا فقط، بل أصر على هيمنة العلويين على مفاصل الدولة ليتمكن من خلالهم من إدامة حكمه، وتوريثه لأبنائه وأحفاده من بعده لتصبح سوريا بمثابة الإقطاعية الأسدية العلوية، وقد لاحظ عدد من المؤرخين والباحثين في الشأن السوري هذه الظاهرة مبكرًا. ففي كتابه “الصراع على السلطة في سوريا”، يشير المؤرخ والدبلوماسي نيكولاس فان دام، إلى أن حافظ الأسد، بعد توليه السلطة، اعتمد بشكل رئيسي على مجموعة من الضباط الذين شغلوا مواقع إستراتيجية حساسة، وأن الغالبية العظمى منهم كانوا من الطائفة العلوية، بينما شغل الضباط المنتمون إلى طوائف أخرى مناصب عسكرية رفيعة بشكل شكلي فقط، ولم تُمنح لهم صلاحيات حقيقية تمكنهم من تهديد سلطة الأسد. وأمام هذه الحقيقة، كان من الطبيعي أن يتصدر إخوة وأبناء وأقارب حافظ الأسد المشهد في البلاد، ولئن عرفنا حافظ ورفعت كرجلين عسكريين دمويين وصارمين في سحق المعارضة، بل واستهداف الأكثرية، فإن أخاهما الأوسط (جميلا) الأسد كان له بابه الذي وَلج منه إلى النفوذ والسطوة. جميل الأسد ولِد جميل علي سليمان الأسد ونشأ في بلدة القرداحة عام 1933، وعند وصول أخيه حافظ إلى السلطة بدأ نشاطه بالعمل في أروقة الدولة ومؤسساتها بحرية كبيرة، وسرعان ما حظِي بعضوية مجلس الشعب، ثم أصبح عضوًا في المؤتمر القومي الـ12 لحزب البعث العربي الاشتراكي، وبعد ذلك انتقل إلى العمل في...