وطنا اليوم- في عالم السياسة، هناك لحظات تكشف معادن الرجال، وتفضح أقنعة الزيف، وتسقط أوهام القوة المصطنعة. ما حدث في اللقاء الاخير بين الرئيس الامريكي ترامب والرئيس الاوكراني زيلينسكي لم يكن مجرد اجتماع رسمي، بل كان مواجهة بين رجل يحارب من اجل بقاء بلاده، وبلطجي متغطرس يعتقد ان الإهانة والاستعراض الفارغ هما مفتاح القيادة. *ترامب.. الاستعراض الرخيص والتعالي الفج* دعوة زيلينسكي الى البيت الابيض لم تكن كرما من ترامب، بل كانت فخا لإذلال رئيس دولة تواجه واحدة من اشرس الحروب في العصر الحديث. ترامب، كعادته، لم يستطع إخفاء نرجسيته، فتعامل مع ضيفه وكأنه موظف جاء لطلب الإذن، لا رئيسا يقود امة تخوض حربا شرسة. لم يكن المشهد مستغربا، فمنذ توليه السلطة، اثبت ترامب انه لا يفهم سوى لغة الإهانة والاستعراض الفارغ. الرجل الذي يدعي انه يريد السلام تصرف كزعيم مافيا، وليس كرئيس دولة عظمى. لم يناقش زيلينسكي حول الاستراتيجيات، ولم يطرح رؤية جادة لحل النزاع، بل اكتفى بالتقليل من شأنه بأسلوب متعجرف، وبتوجيه اللوم له كأنه خادم تجرأ على رفع صوته. *الأسئلة الحقيرة.. عندما يسقط الإعلام في مستنقع التملق* وكأن الإهانة من ترامب لم تكن كافية، جاءت بعض الأسئلة الصحفية لتكشف مدى الانحدار الذي وصل اليه الإعلام الغربي. *عوضا عن مساءلة ترامب حول موقفه من دعم اوكرانيا، او عن رؤيته لإنهاء الحرب، انشغل بعض الصحفيين بتكرار أسئلتهم السخيفة حول “عدم ارتداء زيلينسكي البدلة الرسمية”! وكأن البدلة، لا المبادئ، هي التي تصنع القادة.* هذا الهوس الشكلي يفضح عقلية سطحية لا ترى ابعد من المظاهر. زيلينسكي، الذي يقود جيشا في حرب وجودية، لم يكن بحاجة الى بدلة رسمية ليثبت شرعيته. شرعيته نابعة من صموده، من قراره بالبقاء...