بقلم : عوني الرجوب في وطنٍ بُني بسواعد شبابه، وأفنوا أعمارهم في خدمته، يجد هؤلاء الشباب أنفسهم اليوم على هامش المشهد الوطني، مغيبين عن أولويات الدولة، وكأنهم مجرد أرقامٍ تُضاف إلى قوائم البطالة والتهميش دون أي اكتراث بمأساتهم المتفاقمة. التهميش والبطالة: أزمة وطنية تهدد المستقبل بات واضحًا أن الشباب الأردني اليوم لا يعاني من أزمةٍ عابرة، بل من كارثةٍ وطنية تهدد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. معدلات البطالة في أعلى مستوياتها، والفجوة بين الطبقات تزداد اتساعًا، فيما تزداد أوضاع الشباب سوءًا عامًا بعد عام. ومع ذلك، لا تزال الحلول غائبة، والمبادرات الحكومية لا تتجاوز كونها وعودًا فضفاضة لا تجد طريقها إلى التنفيذ. يُقال لنا إن “الشباب هم عماد المستقبل”، ولكن أي مستقبل ينتظر شابًا عاطلًا عن العمل منذ سنوات؟ أي أملٍ بقي لمن أنهى تعليمه الجامعي ليجد نفسه يواجه واقعًا قاسيًا، بلا وظيفة، بلا دخل، بلا حتى قدرةٍ على تأمين قوت يومه؟ الوظائف للأبناء والمحسوبية تحكم! لا يكاد شابٌ أردنيٌ يحلم بالحصول على وظيفة حكومية إلا ويجد أمامه طابورًا طويلًا من “أبناء الذوات” الذين حُجزت لهم المقاعد مسبقًا، وكأن الوظائف تحولت إلى إرثٍ عائلي، يتناقلها أهل النفوذ فيما بينهم، بينما يُترك باقي أبناء الوطن ليصارعوا البطالة والجوع والخذلان. أما القطاع الخاص، فلم يعد سوى امتدادٍ لهذه المهزلة، حيث يُمنح أبناء الطبقة النافذة أفضل الفرص، بينما يُترك الشباب الحقيقي—المؤهل والطموح والمستعد للعطاء—خارج الحسابات، يبحث عن أي فرصةٍ تضمن له الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية. الشباب بين الفقر واليأس: إلى متى الصبر؟ لم يعد الفقر مجرد مشكلة اقتصادية، بل تحول إلى سلاحٍ يقهر الشباب، ويقتل أحلامهم، ويدفعهم نحو المجهول. هناك شبابٌ أنهوا تعليمهم، حلموا ببناء أسر، واستقر بهم الحال...