حذّر المرصد العمالي الأردني من استمرار تفاقم ظاهرة عمالة الأطفال في الأردن جراء الاستمرار في تطبيق سياسات اقتصادية "غير عادلة" أدت إلى زيادة معدلات الفقر والبطالة.
وأوضح المرصد العمالي أن ارتفاع معدلات الفقر والبطالة إلى مستويات عالية خلال السنوات الماضية أدى إلى زيادة أعداد الأطفال المنخرطون في سوق العمل الأردني بشكل ملموس عن الإحصائية الأخيرة الصادرة عن منظمة العمل الدولية بالتعاون مع دائرة الإحصاءات العامة ووزارة العمل عام 2016 والتي أشارت حينها إلى أن نحو 75 ألف طفل في الأردن منخرطون في مجال عمالة الأطفال، منهم نحو 45 ألفا يعملون في مهن خطرة.
جاء ذلك في ورقة موقف متخصصة أصدرها المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية بمناسبة اليوم العالمي للطفل الذي يُصادف 20 تشرين الثاني من كل عام.
وأشارت الورقة إلى أن الحكومات المتعاقبة طبقت سياسات اقتصادية "غير عادلة" أدت إلى زيادة معدلات الفقر والبطالة إلى مستويات عالية جدا، وهو ما فاقم من أعداد عمالة الأطفال في الأردن.
وبينت الورقة أن معدلات الفقر في الأردن ارتفعت من 15.7 بالمئة إلى 24 بالمئة خلال السنوات العشر الماضية، وبحسب أرقام البنك الدولي فإن معدل الفقر في الأردن وصل إلى 35 بالمئة، إضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة التي وصلت إلى مستويات عالية جدا مقارنة مع معدلات البطالة التاريخية في الأردن، ومعدلاتها في غالبية دول العالم، إذ كانت قبل جائحة كورونا (19.2) بالمئة، ووصلت خلال الربع الثاني من العام 2024 (21.4) بالمئة.
وأوضحت أن معظم السياسات الاقتصادية التي طُبّقت خلال السنوات الماضية تركزت على السياسات التقشفية، والإمعان في تنفيذ سياسات مالية وضريبية غير عادلة، حيث التوسع في فرض الضرائب غير المباشرة التي أرهقت القوة الشرائية للعديد من الأسر، ما دفعها إلى إخراج أبنائها من المدارس وإدخالهم إلى سوق العمل.
ولفتت الورقة في البيان إلى أن آخر هذه السياسات قرار زيادة أجور الأطباء بشكل سيزيد من الأعباء الاقتصادية على الأسر الأردنية وبخاصة من ذوي الدخل المحدود، إضافة إلى التعديلات المقترحة الأخيرة على قانون العمل والتي معظمها ستزيد من عمليات فصل العمال، مما سيؤدي إلى زيادة معدلات البطالة التي هي أحد الأسباب الرئيسية لظاهرة عمالة الأطفال.
وأكدت الورقة إن جميع الجهود المبذولة للحد من ظاهرة عمالة الأطفال في الأردن تركزت فقط على كشف حالات عمالة الأطفال في سوق العمل ومخالفة أصحاب العمل الذين يقومون بتشغيلهم، في حين لم تستهدف هذه الجهود الأسباب الحقيقية التي تؤدي إلى زيادة عمالة الأطفال، وهي الفقر والبطالة.
كما أن تدني مستويات الأجور وبقائها على حالها مقابل استمرار ارتفاع معدلات التضخم (أسعار السلع والخدمات) أدى إلى تراجع مستويات المعيشة لقطاعات واسعة من الأسر، وفق الورقة.
يضاف إلى ذلك تراجع البيئة المدرسية في العديد من المدارس وبخاصة الحكومية، إذ ما زالت غير جاذبة لقطاعات واسعة من الطلبة، ما يُشجعهم أكثر فأكثر على الانسحاب من المدارس والالتحاق في سوق العمل.
ونبّهت الورقة إلى أن لعمالة الأطفال العديد من الآثار السلبية عليهم، مثل الآثار الجسمانية والاجتماعية والتعليمية، فالعديد من الأطفال يعملون في ظروف بيئية غير صحية تؤثر سلبا على صحتهم بشكل مباشر، وقد يتعرضون لمخاطر عديدة أثناء عملهم.
وأوصت الورقة بضرورة معالجة الأسباب الحقيقية وراء ظاهرة عمالة الأطفال وهي الفقر والبطالة، إضافة إلى إعادة النظر بالسياسات الضريبية التي توسعت في فرض الضرائب غير المباشرة، وأرهقت القوة الشرائية للمواطنين.
وختمت الورقة بالتركيز على ضرورة تطوير منظومة الحماية الاجتماعية بحيث تصبح عادلة وتوفر الحياة الكريمة للجميع، وبخاصة الفقراء، وإعادة النظر بمستويات الأجور باتجاه رفعها بما يتناسب مع المستوى المعيشي في الأردن، إلى جانب تطوير العملية التربوية والتعليمية خلال المرحلة الأساسية للحد من عمليات تسرب الأطفال من مدارسهم.