كثر الحديث في الآونة الأخيرة وخصوصاً قبل إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية للولايات المتحدة الأمريكية عن إمكانية عودة الرئيس دونالد ترامب، وفي حال عودته هل سيكسر جليد برود العلاقة مع الدولة الأردنية، أم ستبقى على ما كانت عليه إبان رئاسته الأولى؟
انتهت الانتخابات واتضح من الفائز فيها وعاد دونالد ترامب للبيت الأبيض، ولكن يجب أن لا تكون هذه الهواجس مبالغاً فيها بالعلاقة ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة الأردنية الهاشمية من حيث ما يمكن لرئيسها وسياساته أن تؤثر عليها ،خاصة في القرارت التي من الممكن أن تؤثر في المنطقة وينعكس تأثيرها على الأردن وخصوصاً المتعلق بالقضية الفلسطينية.
تاريخياً، إن الأردن وأمريكا تمتد علاقتهما لمدة تجاوزت السبعين عاماً، وتربطهما مصالح استراتيجية كذلك، وتُعدّ المملكة من ضمن الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة الأمريكية الموثوق بهم في إقليم ملتهب ومنطقة تنتصف الكرة الأرضية، فعلاقة عمان بواشنطن علاقة قوية مبنية على التعاون الاقتصادي والأمني، كما للأردن دور لا يمكن لأحد إنكاره في محاولة التهدئة والاستقرار الإقليمي ومحاربة الإرهاب.
كما أن العلاقة الأردنية مع الإدارات الأمريكية المختلفة علاقة راسخة ولا ترتبط بشخص الرئيس، فعمان وساكن البيت الأبيض وإدارته أياً كان، سواءً جمهوري أو ديمقراطي، فهي قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، مهما كانت سياسة الرئيس وشخصيته وأجنداته للسياسة الخارجية.
ومما لا شك فيه أننا في منطقة مشتعلة وإقليم يستطيع إنتاج أكثر من حرب في وقت واحد، وكل الأحداث من حولنا تؤثر علينا وتزيد من صعوباتنا الاقتصادية والسياسية وحتى العسكرية من خلال إشغال قواتنا على حدودنا الشمالية والشرقية بسبب تجار المخدرات والسلاح المدعومين من مليشيات إقليمية ودول جوار هدفها زعزعة استقرارنا الداخلي.
كما لن نختلف بأن عودة ترامب سوف تعيد تعزيز أجندته وملفاته التي كان يتبناها في رئاسته السابقة والتي لم تحظى بقبول عمان لا الرسمي ولا الشعبي، من خلال الإعلان عن الصفقات والدعم غير المحدود لإسرائيل، وعدم الجدية في إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والعمل على ما يخدم المصالح الإسرائيلية على حساب الاستقرار الإقليمي والأردني، ما يضع عمان تحت ضغوط عديدة، وهذا ما يمكن أن تستغله الحكومة اليمينية الإسرائيلية بتقديم دعم لا محدود لتحقيق أكثر ما يمكن من أهداف تساعدها على التمدد وتنفيذ مشروعها المعروف للجميع.
على عمان في قادم الأيام العمل على تعزيز الجبهة الداخلية بأكبر قدر ممكن، إذ يمكنها وبأشكال عديدة العمل على بقاء نشاطها الدبلوماسي وخطوطها المفتوحة مع كافة الأطراف العربية والدولية ، واسناد الدولة الفلسطينية التي لاحول لها ولاقوة التي يجب عليها ان تكون هي خط الدفاع الأول لمواجهة أي مشروع لتصفية القضية ، فالأردن سوف يبقي قنوات اتصاله مفتوحة مع كافة الأطراف لمواجهة أي تصعيد إقليمي قد يؤثر عليه، وفتح قنوات اتصال أكثر مع ساكن البيت الأبيض وإدارته التي تثق بعمان، وتكنّ لها الاحترام لما تقدمه من محاولات ونشاط سياسي ودبلوماسي لتخفيض التوتر في إقليم مجنون، وأخيراً علاقة عمان وواشنطن ستبقى علاقة مستقرة كون الأردن يُعدّ شريكاً موثوقاً به لتعزيز السلام بالمنطقة.
.