قال القائم بأعمال رئيس حركة حماس في قطاع غزة ورئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية في الحركة، الدكتور خليل الحية إن حركة حماس تتابع عن كثب تفاصيل العدوان الصهيوني المتواصل لأكثر من 410 أيام، عدوان غير مسبوق في العصر الحديث يعيد المشاهد إلى العصور المظلمة الوسطى في تاريخ البشرية، حيث تجاوز العدوان كل الخطوط الحمراء وكل ما هو متوقع من همجية القرن الحديث.
وأضاف الحية في مقابلة مع قناة الأقصى الفضائية اليوم الأربعاء أن العدوان الصهيوني اليوم يحرص على قتل الحياة في الشعب الفلسطيني؛ فهو يقتل الحجر والشجر والبشر، ويكشف عن وجهه الحقيقي القبيح الذي أخفاه على مدار أكثر من 75 عامًا، محاولًا تجميله تحت دعاوى مختلفة، سوقها عبر عشرات السنين وصدقها العالم، للأسف، سواء القريب أو البعيد.
وأكد الحية أن هذا العدوان الصهيوني يكشف حقيقته بوضوح، حيث يتحدث عن عدم اعترافه بوجود الشعب الفلسطيني، ويدعو علنًا إلى تهجيره، العدو يرى أنه لا يريد أن يبقى أحد في غزة، ويحاول تشخيص القضية في حركة المقاومة وحركة حماس ليجعل العالم يظن أن المشكلة محصورة فيهما فقط.
وأشار الحية إلى أن الاحتلال يستهدف الجميع، فهو يضرب المستشفيات، والدفاع المدني، والنساء، والأطفال، والشيوخ. العدو يستهدف الوجود الفلسطيني بأسره بهدف واحد وهو تفريغ غزة من أهلها وتهجير الشعب الفلسطيني لتحقيق أحلامه ببناء الدولة الصهيونية اليهودية على كامل فلسطين.
ولفت الحية إلى أن العدوّ يسعى لتوسيع طموحاته إلى خارج فلسطين، وهو أمر مستحيل، ولن يحدث بإذن الله عز وجل، هذا العدو يكشف اليوم عن نواياه الحقيقية في محاولة الإبادة والتهجير، ولكنه لن يفلح، وسيظل الشعب الفلسطيني صامدًا في وجه هذا العدوان الظالم.
وقال الحية إن العدوان الصهيوني مستمر في كل مكان، من الشمال إلى الجنوب، في الضفة الغربية، القدس، مناطق الـ48، وقطاع غزة، العدو يعمل على تقسيم غزة، مستهدفًا حتى الآبار، والمستشفيات، حيث يمنع إعادة بنائها أو ترميمها، بل يواصل قصفها، كما حدث في عدوانه الأخير على شمال القطاع.
وأوضح الحية أن الاحتلال فصل شمال القطاع عن مدينة غزة، في خطة خبيثة تهدف إلى تهجير السكان وتجويعهم ليُجبروا على الاستسلام، هذه خطة الجنرالات، واليوم يُمعنون في تنفيذها، بينما يظهر نتنياهو ومجموعته الاستعراضية لتقييم ما دمروه في الشمال، استعدادًا لوضع خطط مستقبلية تُناقض كل القيم الإنسانية والأخلاقية.
وتابع الحية: جنوب القطاع ليس أفضل حالًا؛ رفح الآن بلا سكان تقريبًا، حيث يسيطر الاحتلال عليها بالكامل، وأي فلسطيني يقترب من شمال رفح يُقتل فورًا، عشرات الشهداء سقطوا أمام منازلهم بسبب هذا العدوان، بينما دُمرت المنطقة الحدودية الجنوبية بأكملها، بما في ذلك أكثر من 500 متر على الحدود المصرية بعمق رفح.
وأشار الحية إلى أن الاحتلال يوسع عملياته إلى مناطق الوسطى؛ ففي نتساريم، دمر مناطق واسعة تصل إلى 6-7 كيلومترات، من شارع 8 حتى جنوب وادي غزة، مستهدفًا النصيرات، في محاولة لتأمين قواته من ضربات المقاومة الباسلة، أما في الشرق، فالاحتلال أنشأ ما يسميه "شريطًا أمنيًا"، دمر خلاله أكثر من كيلومتر من المساكن على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة.
وبيّن الحية أن هذه الخطط تهدف لتقليص مساحة السكان الفلسطينيين، ودفعهم إما للتهجير أو الاستسلام، العدو يمارس عمليات قتل ممنهجة بالتجويع، ويرفض توفير العلاج أو حتى التطعيم لأطفال شمال القطاع، شعبنا الفلسطيني يتعرض لأبشع عمليات التهجير القسري والتطهير العرقي، في مشهد لم يشهد له التاريخ مثيلًا.
وقال الحية إن الاحتلال الصهيوني يضيف إلى عدوانه حالة تجويع ممنهجة وخطيرة، مدعيًا كذبًا أمام العالم إدخال 250 شاحنة يوميًا لقطاع غزة، بينما الحقيقة أن عدد الشاحنات أقل بكثير؛ الاحتلال يتحكم بإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية، ومنع التجارة بالكامل خلال شهري أكتوبر ونوفمبر، كما أغلق معبر رفح منذ السابع من مايو الماضي.
وتابع الحية: اليوم، قطاع غزة يعتمد بشكل محدود على معبر كرم أبو سالم، لكن الاحتلال يحدد كميات وأنواع الشاحنات التي تدخل، مما يؤدي إلى حالة مجاعة واضحة وخطيرة يشهدها العالم، التقارير الدولية والإعلام العالمي يحملون الاحتلال مسؤولية المجاعة، حيث يُحرم الفلسطينيون من الغذاء والدواء بسبب الحصار والعدوان.
ولفت الحية إلى أن الاحتلال لا يكتفي بذلك، بل يغض الطرف عن اللصوص وقطاع الطرق الذين يسرقون المساعدات تحت مرأى ومسمع منه، مما يزيد من معاناة الفلسطينيين، الشعب الفلسطيني اليوم يعاني من التجويع والتهجير والقتل في محاولة لإجباره على الاستسلام، لكن هذا الشعب صامد، رافضا الرضوخ للعدوان.
وقال الحية إن مشاهد الأطفال الممزقة، والنساء الصارخات على أبنائهن، والدمار الذي يدمي القلوب لم تحرك الإنسانية بما يكفي لوقف هذه الجرائم، مجلس الأمن يناقش قرارًا لوقف إطلاق النار بلا شروط، لكن الفيتو الأمريكي قد يعرقل التنفيذ، مما يعكس الشراكة الأمريكية في العدوان والحصار.
وبارك الحية انعقاد القمم العربية والإسلامية وكل خطوة تسير في الاتجاه الصحيح، مستدركا: "لكن ما نحتاجه هو عمل حقيقي من الأسرة الدولية، على المستويات الرسمية والشعبية والنخبوية، لإلزام الاحتلال بوقف العدوان، العالم يشاهد هذه الحروب، ومع ذلك، نرى صمتًا وتجاهلًا غير مسبوق لما يحدث في قطاع غزة".
وأكد الحية أن الشعب الفلسطيني، رغم الألم والمعاناة، لن يُمحى ولن يستسلم؛ لأنه يدافع عن أرضه وقضيته العادلة. العالم، والأمة العربية والإسلامية مطالبون بالوقوف إلى جانب حقوق هذا الشعب، العدوان الصهيوني لن يحقق أهدافه، فالفلسطينيون متجذرون في أرضهم ولن يمنحوا الاحتلال فرصة الاستسلام أو الرحيل عن وطنهم.
وبيّن الحية أن معيقات إغاثة الشعب الفلسطيني تتجسد في سلوك الاحتلال، وذلك من خلال:
- أولًا، تحديد أعداد المساعدات؛ حيث يسمح الاحتلال بمتوسط 40 شاحنة يوميًا في الشمال، و60 إلى 70 شاحنة عبر كرم أبو سالم في الجنوب، وفي بعض الأسابيع لا تدخل أي شاحنات على الإطلاق، هذا المعدل الهزيل يمثل أزمة كبيرة، خاصة مع وقف التجارة ومنع تدفق الإمدادات.
- ثانيًا، معبر رفح، الذي كان شريانًا حيويًا للمساعدات الدولية، مغلق بالكامل، مما أدى إلى تلف مئات الشاحنات التي بقيت منتظرة في العراء لأسابيع، الاحتلال يمنع إدخال هذه المساعدات، مما يفاقم معاناة الشعب الفلسطيني.
- ثالثًا، الاحتلال يقيّد عمل المؤسسات الدولية، مثل الأونروا، التي تعمل منذ أكثر من 70 عامًا وتقدم المساعدات لثلثي الشعب الفلسطيني. الأونروا، باعتبارها المؤسسة الوحيدة المؤهلة والمنظمة لإيصال الإغاثة، تتعرض لتقييدات ممنهجة، ما يجعل الوضع الإنساني أكثر خطورة.
وأشار الحية إلى أن هذا الوضع يتطلب تحركًا فوريًا وقويًا من المجتمع الدولي، الذي يجب أن يتحمل مسؤولياته تجاه الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني المحاصر.
وقال الحية: للأسف الشديد، انخرط بعض أبناء الشعب الفلسطيني في أعمال تتعارض مع القيم الوطنية والإنسانية، بسرقة المساعدات الموجهة لإغاثة أهلهم وشعبهم، نحن نوجه رسالة لهؤلاء: كيف يمكن أن تقبلوا بسرقة شاحنة أو اثنتين من المساعدات لتغنوا أنفسكم، بينما يموت أهلكم وجيرانكم جوعًا؟ هل انعدمت الإنسانية والمسؤولية من قلوبكم وقلوب عائلاتكم؟
وأضاف الحية: رغم كل هذا، نرى بصيص أمل في هؤلاء، وندعوهم بروح الوطنية والإنسانية أن يكفوا عن هذا العمل المشين. أنتم تتحملون مسؤولية قتل أبناء شعبكم بممارساتكم هذه، وتقفون بجانب العدو الصهيوني في حصاره الظالم، الاحتلال يحدد أعداد الشاحنات، وأنتم تسرقونها وتبيعونها للتجار، مما يزيد معاناة المواطنين.
ووجّه الحية رسالة أيضًا لأولئك التجار، جاء فيها: "كفوا عن شراء البضائع المسروقة من المساعدات، لأنكم تساهمون في رفع الأسعار على أهلكم وشعبكم، كيف تقبلون أن تكونوا في صف الاحتلال؟ هل أصبحتم كجيش لحد الجديد في مسألة المساعدات؟ هذا العمل لن يغتفر، وستبقى هذه الجرائم وصمة عار على كل من يشارك فيها".
وتابع الحية: "نحن، شعبنا، ماضون في ملاحقتكم ومحاسبتكم على ما تفعلون، وكفكم عن هذه الأفعال سيكون أفضل لكم في الدنيا والآخرة، أنتم تصطفون في كنف الاحتلال، وهو المسؤول عنكم، يمكنه أن يوجه لكم رسالة واحدة عبر ضباط المخابرات أو من خلال الاتصال برجالات الشرطة والعشائر، ليطلب منكم أن تتوقفوا عن السرقة".
وأكد الحية أن الاحتلال، بقدرته على التحكم، يستطيع بسهولة إيقاف هذه الأفعال، فهو لا يتردد في إرسال طائراته لقتل الناس هنا وهناك، ولا يخفى عليه ما يحدث. من هذا المنطلق، يجب أن تكفوا عن ممارساتكم التي تصطفون فيها مع الاحتلال، لأن ذلك لن يؤدي إلا إلى المزيد من التدمير للناس والمجتمع الفلسطيني.
وشدد الحية على أن الاحتلال الإسرائيلي هو شريك رئيسي في عملية اللصوصية وقطاع الطرق، وهو جزء من المشكلة التي تعمق معاناة الشعب الفلسطيني، أمام هذا المشهد الكبير، نبذل جهدًا كبيرًا في الداخل والخارج من مسؤوليتنا الوطنية، بالتعاون مع العشائر والقبائل والفصائل وقوى المجتمع المدني، لمواجهة هذه الأزمة.
ولفت الحية إلى أن الشعب الفلسطيني في الداخل يتصدى لهؤلاء اللصوص، حيث تم تشكيل قوة مجتمعية لحماية المساعدات، ولكن الاحتلال قتل منهم العشرات، وهو يرفض تأمين المساعدات سواء من الشرطة الفلسطينية أو حتى من شركات أمنية مرخصة، الاحتلال يصر على إبقاء الحالة على ما هي عليه، دون ضمان لحماية المساعدات.
وأكد الحية أن كل الدعاوى الكاذبة التي يروج لها الاحتلال بأن حماس أو الفصائل تسيطر على المساعدات هي ادعاءات باطلة ومفضوحة، لافتا إلى أن الاحتلال يريد أن يوصل رسالة للعالم مفادها أن حماس والفصائل الفلسطينية والعشائر هم من يعيقون وصول المساعدات، لكن الحقيقة هي أن حماس والفصائل والعشائر هي التي تسهل إيصال هذه المساعدات للناس.، نحن نعمل جاهدين لتمكين وصول المساعدات إلى مراكز الإيواء والملاجئ وكل الأماكن التي تحتاج إليها.
وقال الحية إن الشعب الفلسطيني عصي على الانكسار والاستسلام، لأنه يؤمن بقضيته الإنسانية والسياسية، كل محاولات العدو وشركائه لن تنجح في تحقيق أهدافهم، هذا الشعب سيبقى صامدًا، بإذن الله تعالى، ولن يستطيع الاحتلال أن ينال منه.
ووجه الحية رسالة تقدير واحترام عميقة للمقاومة الفلسطينية الباسلة، التي على مدار 14 شهرًا، تقاتل ببسالة وإصرار دفاعًا عن شعبها وأرضها، هذه المقاومة، التي تواجه أشرس قوة عرفتها البشرية، تواصل القتال بكل شجاعة وإيمان عميق، مسلحة بقدرات متواضعة صنعتها بيدها، ولكنها قوية بإرادتها وعزيمتها.
وأكد الحية أن الحركة تبحث في كافة الأبواب والمسارات والطرق التي يمكن من خلالها وقف العدوان، ونحن لا نخشى من هذا المطالب، بل نؤكد أننا كشعب فلسطيني، نريد وبكل وضوح وقف العدوان. كما قال نتنياهو، "حماس تريد وقف العدوان"، ونحن نقول نعم، حماس وشعب فلسطين بأسره يريدون وقف العدوان.
وأوضح الحية: "الفكرة المطروحة اليوم هي تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة، وهو اقتراح قدمه إخوتنا المصريون، ونحن تعاملنا معه بشكل مسؤول ومتجاوب، نحن موافقون على هذا المقترح، ولكن مع شرط أساسي أن تدير هذه اللجنة غزة بشكل محلي كامل، بحيث تدير كل الأمور المتعلقة بالحياة اليومية هناك".
وأضاف الحية: "قمنا في هذا الصدد بعقد اجتماعات متعددة مع الإخوة في حركة فتح وقيادات فلسطينية أخرى في القاهرة، وكانت اللقاءات مثمرة، قطعنا خطوات كبيرة نحو التوافق والانسجام بين جميع الأطراف المعنية، فكرة اللجنة كانت مقبولة من الجميع، ورعاية مصرية مستمرة لدعم هذه المبادرة".
وتابع الحية: "كما أكدت القمة العربية والإسلامية الأخيرة دعمها الكامل لهذه اللجنة، وأكدت اعتمادها تحت مسمى "لجنة الإسناد المجتمعي"، وباركت الجهود المبذولة في هذا المجال. نحن، إن شاء الله، ماضون في تفعيل هذه اللجنة، لأننا نعتقد أنها ستكون خطوة مهمة في إدارة شؤون غزة بشكل محلي، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها القطاع".
وبيّن الحية أن اللجنة ستكون من مجموعة من المهنيين الفلسطينيين من قطاع غزة، القادرين على العمل في كافة المجالات، مثل الصحة، والتعليم، والشرطة، والأمن، والدفاع المدني، والبلديات، وكل الأعمال التي تساهم في إدارة القطاع بشكل فعال، كما ستكون مسؤولة عن كافة الأعمال الحكومية والعامة. نحن نعمل على تفعيل هذه اللجنة بشكل فوري، بدءًا من الآن، ليس فقط عندما يتوقف العدوان، بل من خلال المتاح حاليًا لنكون جاهزين لإدارة كافة الأمور الحياتية بشكل محلي.
وأكد الحية ضرورة أن تكون اللجنة على علاقة وثيقة مع الحكومة في الضفة الغربية، بحيث تنسق أعمالها وإدارتها بشكل كامل، غزة ليست معزولة، فهي جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني الفلسطيني، وندعو إلى تنسيق مستمر بين القطاع والضفة، لحماية مصلحة شعبنا الفلسطيني وحمايته من أي انقسامات أو تهديدات.
وقال الحية: أعتقد أن هذه اللجنة هي المجال الذي يجب الحديث عنه في الوقت الحالي، إذا تم الاتفاق عليها بشكل رسمي، فإنني أعتقد أنها ستساهم بشكل كبير في وقف العدوان الإسرائيلي، أو على الأقل تسريع عملية وقفه، نحن في حماس مستعدون للعمل على ذلك، وقد عرضنا في أكثر من مرة مقترحات لتسهيل عمل اللجنة في غزة.
وأضاف الحية: على سبيل المثال، عرضنا على الإخوة في مصر والسلطة الفلسطينية أن نتفق على فتح معبر رفح، فتح المعبر سيعيد الحياة إلى غزة، ويسهل حركة السفر، ويتيح نقل الجرحى والمرضى، ويساهم في دخول المساعدات الإنسانية والاقتصادية، نحن نسعى لتخفيف معاناة شعبنا بكل الوسائل المتاحة.
وأكد الحية استعداد الحركة للاتفاق على إدارة الشرطة الفلسطينية في قطاع غزة، بحيث نعمل معًا على تكليف جهاز الشرطة بتأمين القطاع وتوفير الاستقرار. وأنها جاهزة للتنسيق مع في السلطة الفلسطينية ومصر لتفعيل هذا الاقتراح بما يضمن الأمن والاستقرار في غزة.
وقال الحية: "أكرر، نحن لا نغفل أي فرصة يمكن أن تسهم في تحقيق توافق وطني داخلي، ونحن نعمل على ذلك من موقع المسؤولية، وبالنسبة للجنة، فإننا وضعنا شرطين أساسيين لنجاحها: الأول، أن تكون قادرة على تلبية احتياجات غزة في فترة الحرب وما بعد الحرب، بما في ذلك الإغاثة، والإيواء، والصحة، والتعليم، والإعمار. الثاني، أن تكون اللجنة قادرة على العمل مع حصانة فلسطينية، وقبول عربي ودولي، ولديها موارد مالية كافية لتحقيق أهدافها".
وأشار الحية إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى لتثبيت الوقائع على الأرض من خلال نفي وتهجير الشعب الفلسطيني من كل فلسطين، هذا ما يفعله في غزة عبر عدوانه، والضفة الغربية ليست في أحسن حال، حيث تشهد يوميًا اجتياحات وقتلًا وقصفًا واغتيالات في كل مدن الضفة الغربية، خاصّة في الشمال والجنوب والوسط، مثل نابلس وجنين ورام الله والخليل وطوباس، حيث لا يمر يوم دون عدوان صهيوني بشكل كبير، جزء كبير من الجيش الإسرائيلي وفرقه العسكرية في الضفة الغربية تلاحق كل شيء، بما في ذلك الاعتقالات على أشدها.
وبيّن الحية أن التدمير والقتل الممنهج هما جزء من السياسة الإسرائيلية، حتى في سجون الاحتلال، حيث يلاحق الاحتلال الشعب الفلسطيني ويقتل الأسرى بدم بارد يومًا بعد يوم، لكن الضفة الغربية ليست في أحسن حال، فالحكومة الصهيونية المتطرفة تغطي وتدعم جرائم المستوطنين والمتطرفين، بل إن الاحتلال الآن يسعى لضم الضفة الغربية بالكامل، وهذا ما يؤسس له مع قدوم إدارة ترامب الجديدة التي يأمل أن تجد الضوء الأخضر لضم الضفة الغربية. لكن السؤال يبقى: أين يذهب الشعب الفلسطيني؟
ولفت الحية إلى أن الضفة الغربية تشهد حالة من العدوان المستمر، وهناك ضغط متزايد على الشعب الفلسطيني، كما أن القدس ليست في أحسن حال، حيث يتعرض المسجد الأقصى لحالة ممنهجة من التضييق، هذا يشمل تقليص أعداد المصلين ومنع الكثير منهم من الوصول إلى المسجد.
وقلل الحية من حجم التفاؤل برحيل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، قائلا: "سواء جاء بايدن شريكًا لنتنياهو في قتل شعبنا وتدميره، أو جاء ترامب بأي طريقة ، فلا تعويل على هذه الإدارة أو غيرها، من يعول على ذلك يعول على شيء موهوم، لأن النتائج لن تتغير في سياق القضية الفلسطينية، لكن نحن نعلم شيئا واحدا، أننا كشعب فلسطيني لدينا قضية واضحة، ونحن جزء من حركة تحرر وطنية، نواصل الدفاع عن قضيتنا ولن نتوقف عن نضالنا ومقاومتنا حتى نأخذ حقوقنا كاملة، سواء مع وجود ترامب أو غيره".
وقال الحية إن "الحالة الوطنية الفلسطينية الحالية لا تسر صديقًا، بل بالعكس، تسعد العدو. لذلك، فإن الوضع الحالي يتطلب منا أن نواجه المشروع الصهيوني بكل قوة وبوحدة وطنية حقيقية، الوحدة التي تعتمد على الفكر والمشروع والقيادة والبرنامج الوطني".
وأكد الحية أن "الخطر على القضية الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس أكبر من ذلك الذي يواجه غزة. لذلك، نحن بحاجة إلى موقف وطني مسؤول يجمعنا على برنامج ورؤية واحدة لمواجهة هذا الخطر وحماية قضيتنا الفلسطينية من المشاريع التصفوية".
وأشار الحية إلى أن "هناك مقاومة فلسطينية باسلة تقاتل بكل ما تملك، لكن هذه المقاومة غير قادرة بمفردها على إيقاف مسلسل التهجير والتصفية، وحدة الصف والتنسيق بين جميع الفصائل والقوى الوطنية هي السبيل الوحيد لمواجهة التحديات المقبلة".
وفيما يتعلّق بمفاوضات وقف إطلاق النار والتبادل، قال الحية: "وصلنا تقريبًا في تموز الماضي إلى نقطة قريبة من التوصل إلى اتفاق، كان الاتفاق في متناول اليد، وقد رحبت به أمريكا وبعض الوسطاء وبعض قادة الاحتلال عندما قدمت حماس موقفها".
وأوضح الحية: "نحن متوقفون الآن، إذ أرسل الاحتلال الإسرائيلي ورقة يوم 27/5، وقد تبناها بايدن وأصدر بها قرارًا من مجلس الأمن، ونحن رحبنا بمبادئ بايدن وقرار مجلس الأمن الذي تبنى الورقة الإسرائيلية".
وأضاف الحية: "ثم جاء اتفاق 2/7، الذي كان يتضمن بعض النقاط، بما في ذلك موضوع تبادل الأسرى، وهو ما يحتاج إلى المزيد من المفاوضات لإنهائه، لكن جاء موضوع آخر لم يكن موجودًا أصلاً في المفاوضات، ولذلك قلنا إن اتفاق 2/7 هو الورقة الإسرائيلية وقرار مجلس الأمن".
وتابع الحية: "نتكلم عن ورقة إسرائيلية من إعدادهم، بينما المقاومة الفلسطينية وافقت عليها مع بعض التعديلات البسيطة. واشترطنا أن يتم الخروج من منطقة فيلادلفيا فقط، لكن نتنياهو وضع شروطًا جديدة بشكل عرقل كل شيء".
وأوضح الحية: "المشكلة ليست في الأسرى أو فيلادلفيا، المشكلة تكمن في أن نتنياهو تحديدًا لا يريد الوصول إلى اتفاق، لأنه بالأمس كان يقول في الكنيست إن "حماس تريد وقف الحرب ونحن لا نريد وقف الحرب، نحن نريد استعادة الأسرى"".
وأكد الحية على أنه "دون وقف الحرب، لا يوجد تبادل أسرى، فهي معادلة مترابطة. ونحن نقول بكل وضوح: نريد أن يتوقف هذا العدوان، ويجب أن يتوقف أولاً لكي يتم أي تبادل للأسرى".
وتساءل الحية: "إذا لم يقف العدوان، لماذا يجب على المقاومة، وحماس تحديدًا، إعادة الأسرى؟ كيف يمكننا إعادة الأسرى الإسرائيليين الذين بين أيدينا إذا استمرت الحرب؟ من هو العاقل أو غير العاقل الذي يمتلك ورقة قوية ويرميها بينما الحرب مستمرة؟"
وأكد الحية أن المعيق الأساسي للمفاوضات هو الحكومة الإسرائيلية ونتنياهو، الذي يعيق أي تقدم لأسباب سياسية. أما نحن، فقد قدمنا العديد من المبادرات بشكل مطول ومستمر، وأبدينا مرونة كبيرة للدخول في مفاوضات تهدف إلى إنهاء العدوان وإتمام صفقة تبادل الأسرى.
ولفت الحية إلى أن "هناك اتصالات جارية الآن مع بعض الدول والوسطاء لتحريك هذا الملف، نحن جاهزون ومبادرون للاستمرار في هذه الجهود، الأهم هو وجود إرادة حقيقية لدى الاحتلال لوقف العدوان، لكن الواقع يثبت أن المعطل هو نتنياهو، كما شهد القريب والبعيد".
وقال الحية: "للأسف، بايدن في تصريحاته يريد الانتقام منا لأنه يعتقد أننا لم نتفاعل مع مقترحه، قبل الانتخابات بأسبوع، قدم الأمريكيون عرضًا لا يشمل وقف إطلاق النار بل ينص على تسليم الأسرى، ووقف الحرب لأيام قليلة، ثم استئنافها، وهذا ما قدموه لنا. لذلك، يعتبر الأمريكيون أن رفضنا لمقترحهم دليل على عدم تعاوننا، ولكن الحقيقة أن المقترح لم يتحدث عن وقف العدوان أو الحرب، ولم يشر إلى عودة النازحين أو انسحاب الاحتلال، بل كان مجرد وقف جزئي لمدة أيام، مع إعادة 15 أسيرًا إسرائيليًا ثم استئناف الحرب".
واختتم الحية: "لهذا رفضنا هذا العرض، وأكدنا أننا جاهزون للدخول في الاتفاق الذي تم التوصل إليه في 2/7، والذي يستند إلى قرار مجلس الأمن المتبني للمبادرة، لكن يبقى السؤال: هل نتنياهو مستعد لتبني ورقته؟ وهل هو جاهز للدخول في مفاوضات جادة لوقف العدوان وتبادل الأسرى؟ نحن جاهزون تمامًا لذلك".
.