أقامت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، الأربعاء، ورشة نقاشية حول تعديلات قانون الجرائم الإلكترونية، أكد خلالها قضاة ونواب وخبراء قانونيون ومحامون وإعلاميون، على ضرورة استمرار الحراك حتى إلغاء هذا القانون، أو تعديله بما يصون الحقوق والحريات العامّة ويضمن تطبيقه في الحدود الدنيا بعيدًا عن التغوّل وتقييد حرية التعبير.
وقدّم الورشة المحامي عبدالله الحراحشة مؤكدًا في كلمته الترحيبية أن القانون، الذي دخل حيز التنفيذ منذ قرابة العام، يعاني من عدة عيوب أساسية، أبرزها غياب الدراسات المنهجية للأثر الاقتصادي والاجتماعي له، وهو ما يثير تساؤلات حول دوافع المشرع وأهدافه الحقيقية. وأضاف الحراحشة أن غالبية القوانين يجب أن ترافقها دراسة شاملة حول التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية، لكن هذا لم يحدث في حالة قانون الجرائم الإلكترونية، مما يثير الشكوك حول مصداقيته وفعاليته.
وفي ورقة علمية قدمها القاضي والمحامي السابق لؤي عبيدات، خلال الورشة، انتقد فيها القانون الجديد، معتبرًا أنه يشكل تهديدًا لحقوق الأردنيين في التعبير والمشاركة. ولفت عبيدات إلى أن القانون، الذي أُقر في 2023، يتسم بالعديد من المخالفات الدستورية، بما في ذلك إضعاف ضمانات حرية الرأي، وتضمينه مصطلحات غير محددة قانونيًا مثل "اغتيال الشخصية" و"إثارة الفتن". كما نوه إلى خطورة المادة 25 التي تُحمل مسؤولية المحتوى غير القانوني لأصحاب المواقع والمنصات، ما يخالف مبدأ "شخصية المسؤولية الجزائية".
وأشار عبيدات إلى أن القانون يفرض عقوبات غير مبررة لممارسات يمكن تنظيمها في قوانين أخرى مثل قانون العقوبات، داعيًا إلى إلغاء قانون الجرائم الإلكترونية وإعادة صياغته من خلال نقاشات قانونية متخصصة تضم الأحزاب، منظمات المجتمع المدني، والنقابات. كما أبدى رفضه لمنح الحكومة صلاحيات إصدار الأنظمة اللازمة لتطبيق القانون، معتبرًا أن هذا يتناقض مع مبدأ الفصل بين السلطات.
وفي ختام كلمته، أكد عبيدات على ضرورة احترام الحقوق والحريات العامة، مشددًا على أن القانون الحالي يتعارض مع التزامات الأردن الدولية، ويهدد مكانته في مؤشرات حقوق الإنسان.
من جانبه، تطرق المحامي والناشط الحقوقي بسام فريحات إلى مشكلة "الوحدة التشريعية"، حيث أكد أن قانون الجرائم الإلكترونية لا ينسجم مع النسق التشريعي المتبع في الأردن، مشيرًا إلى التفاوت الكبير في العقوبات بين الجرائم ذاتها إذا ارتكبت عبر الوسائل التقليدية أو الإلكترونية. وأوضح فريحات أن تطبيق القانون يفتقر إلى معايير واضحة، مما أدى إلى حالة من الفزع بين المواطنين والصحفيين والإعلاميين، الذين خافوا من تبعات هذا التشريع.
وأكد فريحات على ضرورة الضغط من خلال حملات حقوقية وإعلامية للمطالبة بتعديلات جوهرية تحمي الحقوق والحريات العامة، مشددًا على أن دور النيابة العامة يجب أن يتسم بالحذر والتأكد من جدوى الإحالة إلى المحاكم، وليس إدانة الأفراد بناء على تفسيرات غير دقيقة للقانون.
ودار نقاشٌ مستفيض خلال الورشة حول أبرز الانتهاكات التي شابت تطبيق القانون خلال عامٍ أو أكثر من تطبيقه، فيما أكد المشاركون في الندوة على ضرورة تظافر الجهود بين مؤسسات المجتمع المدني والنقابات والنواب والمؤسسات الإعلامية، وصولاً لتصويب جميع الاختلالات والتشوهات التي شابت هذا القانون وانعكست بشكل سلبي على الأردنيين، وكانت محل انتقادٍ واسعٍ للمؤسسات الحقوقية الدولية بما يسيء لصورة الأردن.
.