بمسيرة خالية من قصص المعاناة مثل محاولة لحاق الحافلة أو عدم وجود ما يكفي من المال للوصول إلى تدريبات فريقه، التي عاشها أغلب أقرانه في كرة القدم وعلى رأسهم صلاح، كان عمر مرموش لاعب وادي دجلة عازماً على تحقيق حلمه، رغم أنه واجه معاناة من نوع آخر حين رفض الأب أن يلعب ابنه كرة القدم، بينما أراد الأخير التوقف تماماً عن الذهاب إلى مدرسته الدولية واستكمال دراسته، وهنا بدأ الحلم في التبخر قليلا، وربما لم يتوقع الأب حينها أن يصبح ابنه لاحقاً أغلى لاعب عربي في تاريخ مانشستر سيتي.
بدأ مرموش، الذي يملك جواز سفر كنديا كون أسرته عاشت هناك لسنوات وكان بإمكانه تمثيل منتخب كندا لكنه رفض، مسيرته الكروية مع ناشئي نادي وادي دجلة، إذ خطف الأنظار بشدة خلال فترته في الفئات السنية، ليتم تصعيده للفريق الأول تحت قيادة الفرنسي باتريس كارتيرون، حين منحه الأخير فرصة المشاركة في مباراة رسمية، قبل أن يتولى أحمد حسام "ميدو" مسؤولية تدريب الفريق ويبدأ في إشراكه بشكل أكبر من سابقه.
يقول مرموش في لقاء تلفزيوني: في البداية قال والدي لن تلعب كرة القدم، عائلتي أرادت التركيز أكثر على التعليم. في فترة ما أردت عدم استكمال تعليمي للتركيز بشكل أكبر على كرة القدم لكن والدي رفض ذلك رفضاً قاطعاً.
وأضاف: عندما وجد الأمر يتطور وباتت الفرصة أمامي للسفر إلى أوروبا لخوض تجربة الاحتراف تغير فكر والدي كثيراً وبدأ في الاقتناع بالأمر وأصبح الداعم الأكبر لي.
وبدأت رحلة المعاناة الحقيقية حين حصل مرموش على الفرصة للاحتراف خارج مصر للمرة الأولى عبر فريق الشباب بنادي فولفسبورغ الألماني عام 2017 بعمر 17 عاماً فقط، إذ احتاج ثلاث سنوات للصعود إلى الفريق الأول، لكنه لم ينجح في تقديم أوراق اعتماده، ليخرج معاراً إلى سانت باولي ثم شتوتغارت.
يتحدث مرموش عن معاناته في ألمانيا قائلاً: في عامي الأول كانت اللغة أكبر عائق بالنسبة لي، لكن بعد عام واحد تعلمت اللغة الألمانية وتأقلمت على الأجواء في ألمانيا.
رأى مسؤولو آينتراخت فرانكفورت شيئاً في مرموش، ليقرر النادي بالفعل ضمه في صفقة مجانية لم تكلف أي شيء، وبالفعل كانت الانطلاقة الحقيقية للنجم المصري في ملاعب ألمانيا، فالعديد من النجوم انطلقوا من هناك، سواء النيجيري جاي جاي أوكوشا، أو الفرنسي راندال كولو مواني والصربي لوكا يوفيتش.
صاحب الـ 25 عاماً سجل 17 هدفاً وصنع ستة في موسمه الأول مع الفريق، لكنه انفجر في موسمه الثاني، يسجل في الجميع ويتلاعب بدفاع بايرن وينافس هاري كين نجم بايرن ميونخ على صدارة هدافي الدوري الألماني، إذ وصل إلى 20 هدفا وصنع 14 في 26 مباراة فقط هذا الموسم، قبل أن يخطف أنظار الإسباني بيب غوارديولا.
ويبدو أن الأخير يعرف ما يملكه النجم المصري من قدرات، فحامل لقب الدوري الإنجليزي في المواسم الأربعة الماضية يعاني هذا الموسم رغم وجود كتيبة من النجوم، لكن مرموش كان خيار الإسباني لتدعيم فريقه في يناير للعودة إلى المسار الصحيح.
على الصعيد الدولي، ورغم أنه لعب لكافة الفئات السنية وصولاً للمنتخب الأول تحت قيادة البرتغالي كارلوس كيروش، فإنه لا ينسى شعور الإحباط حين قرر شوقي غريب مدرب المنتخب الأولمبي آنذاك استبعاده من أولمبياد طوكيو، لكنه الآن يضع كل هذا جانباً لمحاولة كتابة تاريخ جديد وتخطي مواطنه محمد صلاح نجم ليفربول.
ويعتبر مرموش، مواطنه وزميله صلاح "أفضل لاعب في تاريخ مصر"، مضيفاً: "نحن نتحدث دائما، وأحاول دائما التعلم من تجاربه. لكن في الوقت نفسه أريد أن أصنع قصتي الخاصة".