كتب الدكتور محمد حسن الطراونة -
في خطوة مفاجئة ومثيرة للقلق، أقدم وزير التربية والتعليم والتعليم العالي، الذي يحمل شهادة الطب في الأصل، على إصدار قرار يقضي بإلغاء شرط تعيين طبيب في المدارس الخاصة التي يزيد عدد طلابها عن 500 طالب. هذا القرار، الذي دخل حيز التنفيذ منذ عام 2018، أثار استياءً واسعاً في الأوساط الطبية والتعليمية، حيث اعتبره الكثيرون بمثابة كارثة تهدد صحة الطلاب وتقوض جهود الرعاية الصحية في المدارس.
لا يمكن وصف هذا القرار إلا بأنه غير مسؤول، حيث يتجاهل بشكل صارخ أهمية وجود طبيب مؤهل في المدارس الكبيرة. فالطبيب المدرسي ليس مجرد معالج للأمراض، بل هو أيضاً مستشار صحي للطلاب والمعلمين، ومثقف صحي يساهم في نشر الوعي الصحي بين أفراد المجتمع المدرسي. كما أنه يلعب دوراً هاماً في الكشف المبكر عن الأمراض والوقاية منها، ومتابعة الحالات المرضية المزمنة، وتقديم الإسعافات الأولية اللازمة في حالات الطوارئ.
إن إلغاء شرط وجود طبيب في المدارس الخاصة الكبيرة يعني تعريض صحة الطلاب للخطر، حيث يصبحون عرضة للإصابة بالأمراض المعدية والأوبئة، وتتأخر حالاتهم المرضية في الحصول على الرعاية اللازمة، مما قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة. كما أن غياب الطبيب المدرسي يحرم الطلاب من التثقيف الصحي اللازم، ويقلل من فرص الكشف المبكر عن المشاكل الصحية التي قد يعانون منها.
لا يقتصر ضرر هذا القرار على صحة الطلاب، بل يمتد ليشمل الأطباء أيضاً، حيث يتسبب في فقدان 500 طبيب لوظائفهم التي كانوا يعتاشون منها. هذا القرار يزيد من معاناة الأطباء الذين يعانون أصلاً من نقص فرص العمل، ويساهم في تفاقم مشكلة البطالة في المجتمع.
إننا نطالب وزير التربية والتعليم والتعليم العالي بالتراجع الفوري عن هذا القرار غير المسؤول، الذي يهدد صحة الطلاب ويضر بالأطباء. كما ندعو جميع المعنيين بالشأن التعليمي والصحي إلى الوقوف صفاً واحداً ضد هذا القرار، والضغط على الوزارة من أجل اتخاذ قرارات تصب في مصلحة الطلاب والمجتمع.
إن صحة الطلاب ووظائف الأطباء ليست مجرد أرقام، بل هي حقوق أساسية يجب على الدولة حمايتها. إننا نؤكد أننا لن نتوانى عن بذل كل جهد ممكن من أجل إلغاء هذا القرار الظالم، وسنظل ندافع عن حق الطلاب في الحصول على الرعاية الصحية اللازمة، وعن حق الأطباء في الحصول على فرص عمل لائقة.
.