الولاء والانتماء للأرض والوطن والدولة والقيادة يعدان من القيم الأساسية التي تجسد التزام الأردنيين تجاه وطنهم وهي ممكنات تعزيز وحدتنا واستقرارنا ومصيرنا، وهي غير مرتبطة بظرف زمني أو حدث مهما عظم و، فحبنا لوطننا والدفاع عنه والعمل من أجله هو مسؤولية وطنية على كل فرد منا وتعكس مدى الانتماء العميق والالتزام بالقيم والمبادئ الوطنية لتحقيق الأمن والاستقرار على مستوى الدولة وتعزيز قوتها لمواجهة التحديات وتحقيق الازدهار.
لقد نذر الأردنيين الشرفاء أعمارهم للدفاع عن الوطن والقيادةوعن الحمى العربي وتحملوا أعباء كبيرة جراء الأمواج المتلاطمة والدسائس من حولهم، وكانوا دائما يبذلون الغالي والنفيس وقدموا دمائهم الزكية في كل مواقع البطولة والشرف من أجل وطنهم وعروبتهم انطلاقا من نقاء انسانيتهم وقومتيهم العربية والإسلامية الأصلية ودورهم التاريخي ،ولكن للأسف لطالما قوبل ذلك بنكران الجميل من دول عدوة وصديقة ومن فئات مارقة متكسبة منتفعة من الداخل والخارج على الرغم من قناعتي بأنه لا توجد دولة في الدنيا إلا ولها أعداء من الداخل والخارج، ولعل الحدث الأخير الذي كان يترقبه القريب والبعيد وفي جميع أنحاء المعمورة، وهو لقاء جلالة الملك حفظه الله مع أعتى رئيس دولة متهور كان بمثابة حرب ومقارعة لم تقوي عليه دول كبري أو قادة إمبراطوريات، واستطاع جلالته بحنكته وذكائه وانسانيته تجنيب الأردن الوقوع في شرك هذا المعتوه ومن يدور في فلكه عربيا ودوليا من خلال رفضه لكل المخططات التي تهدد سيادة الأردن واستقراره واستقرار بعض الدول العربية، وقال عبارته المدوية والتي يدركها الأردنيون صغار وكبارا "سأفعل الأفضل لبلدي دائماً وأبداً، فمصلحة الأردن فوق كل اعتبار"، في رسالة واضحة برفضه التهجير للشعب الفلسطيني من غزة أو الضفة ومعلنة لا للوطن البديل وأن الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطيننبن هذه العبارة التي طالماعشنا معا مع الهاشميين الاطهار، وكانت بمثابة السيف البتارلكل من تسول له نفسه التشكيكبمواقف الأردن.
لقد بلغت سنين طويلة من عمري لم أسمع مثل هذا الوفاء للوطن وللشعب كما سمعت من جلالة الملك حفظه الله ورعاه وهذا يدل معاني عميقة من البيعة والوفاء والإخلاص والتضحية بين أل هاشم الاطهار والأردنيين الشرفاء منذ فجر تاريخ الدولة من أجل رفعة الوطن واستقراره، وهذا ما عبر به الشعب عن استقباله والتفافه حول جلالته بعد عودنه من الولايات المتحدة الأمريكية، والذي عبر فيه بكلمات" أشكركم أبناء وبنات شعبي الوفي، أستمد طاقتي وقوتي منكم" فبالرغم من فرحي بما عبر عنه الشعب الأردني بالتفافه حول جلالة الملك ورده عليهم بشكرهم وهذا تجسيد للعلاقة بين الأردنيين والهواشم كعلاقة روحانية وعلاقة قلب وروحا واحد معا ، إلا أن ما احزنني أن المكونات التي هدرت بأصواتها ليلا ونهارا، وفي الصيف والشتاء وعلى مدار الساعة دعم لفلسطين ولغزة لم تكن بمستوى الحدث وخرجت على استحياء في أهم قضية تواجه مصير الأردن الوطن ، كما أن هناك من القنوات و الساسة المنظرين استغلوا الحدث لمصالحهم وتفننوا في التحليلات والكتابات للتقليل من الأردن وتحميله مما لا طاقة له به ، والأدهى والأمر من ذلك كله أن الشعب الأردني لم يحضومنذ فترة ليس بسيطة بساسة يدركون سر هذه العلاقة بين القائد والشعب والوطن ،ولم يكونوا يوما بحجم الحب لمتبادل بين هذا الشعب والقيادة والوطن لأن الأردني الأصيل الشريف لا يخون وطنه وعروبته وقيادته ودينه فهذا ديدنه ، بينماالساسة وأصحاب المصالح والمنتفعون الذي خذلوا الأردن في كل المواقفكانت سيوفهم دائما مسلطة على رقاب الشعب، وقوانينهم تسن لنخر جيوب الشعب وتعمل على اذلالهم وتجويعهم واستغلوامختلف مناصب الدولةوأورثوها لأبنائهم وعاثوا الفساد في كل مؤسسات الدولة ، ونهبوا خيرات الوطن وباعوا موارد الدولة، ولاذوا بوجوههم وأموالهم وأذانهم إلى خارج الوطن لافتقارهم لحس الوطنية والمسؤولية والإرادة خوفا على مصالحهم الشخصية المالية أو السياسية والتي تسمو لديهم على المصلحة الوطنية، ولأنهم لا يشعرون بهموم الوطن و المواطنين لأنهم يعتمدون على العلاقات الخارجية والضغط الدولي كجزء من إستراتيجيتهم للحفاظ على سلطتهم و مصالحهم الاقتصادية لذا تجدهميختفون في الموافق المشرفة حتى لا يتخذون مواقف قوية ضد القوى الدولية التي حاولت النيل من الأردن أو التشويش والتشكيك بمواقفه .
نعم لقد استغلوا هؤلاء المكتسبون الدولة لمصالحهم الشخصية، واعتمدوا على ما اغتنموا من الوطن وبدعم من السفارات وغيرها، الأمر الذي افقدهم الولاء الحقيقي للوطن والشعب والدفاع عنه، الأمر الذي يجب على الدولة العميقة الكشف عنهم ومحاسبتهم على تقاعسهم في أداء واجبهم تجاه الدفاع عن الدولة، كما على المعنيين بالدولة العمل على الاستمرار في نهج بناء الثقة والولاء بين الشعب والقيادة وكشف المسؤولين الحاليين والسابقين الذين أظهروا تقاعسا بالدفاع عن الوطن والذين ما زالوا يثرون الفتن والتشكيك بمواقف القوى الوطنيةوالتحريض على تكميم الأفواه حفاظا على مكتسباتهم وحماية فسادهم، والتوصية باختيار قيادات وطنية شعبية تتمتع بالنزاهة والولاء للوطن، وقادرة على تقوية وتعزيز سيادة الدولة واستقلالها في مواجهة الضغوط الدولية، كما من المهم أن يكون لدينا استراتيجية وطنية طويلة الأمد للحفاظ على مصالح البلاد وحمايتها من التدخلات بغض النظر عن مصادرها، وبناء علاقاتنا الاستراتيجية الخارجية مع الدولوفق مصالحنا العليا ، وتعزيز قدرتنا الدفاعية والاقتصادية للدولة .