خاص _قال الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد إن التصعيد العسكري البري الإسرائيلي يأتي في ظل عدد من التطورات الإقليمية التي يبدو أنها لا تزال تؤثر في سلوكيات صنع القرار الإسرائيلي سياسيًا وعسكريًا.  


وأضاف أبو زيد لـ"الأردن 24" أن التحركات العسكرية الإسرائيلية تأتي بعد زيارة رئيس الحكومة الانتقالية السورية أحمد الشرع إلى الأردن، وهو ما يقلق إسرائيل من ناحية التقارب الأردني السوري. يضاف إلى ذلك شعور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالفشل في تحقيق إنجاز في صفقة تبادل الأسرى، خاصة بعد موافقته على إطلاق سراح الدفعة السابعة من السجناء الفلسطينيين رغم تصريحاته السابقة بتأجيل قرار الإفراج عنهم إلى أجل غير مسمى. كما أن تصاعد مؤشرات التورط العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية وعدم القدرة على تحقيق حسم عسكري هناك دفع إسرائيل إلى التصعيد في جبهة جنوب غرب سوريا، كمحاولة للتخلص من "عقدة الفشل المركب" في جبهات أخرى.  

وأشار أبو زيد إلى أن الأهداف التي تم قصفها في جنوب سوريا تشمل الكسوة وحدود محافظتي القنيطرة ودرعا والصنمين، مما يعني استهداف الطريق السريع من الحدود الأردنية السورية وحتى دمشق. كما أن التوغل البري الإسرائيلي لمسافة 15 كم يهدف إلى زيادة منطقة السيطرة من 9 كم إلى 15 كم، بمحاذاة الحدود الأردنية السورية. وبالتفصيل، تجاوزت القوات الإسرائيلية سد الوحدة وصولاً إلى قرى بيت آرة والكويا، مقابل قرى عمراوة والشجرة الأردنية. 

 وأوضح أبو زيد أن شكل التوغل الإسرائيلي يشير إلى أن الهدف هو السيطرة على الموارد المائية في حوض اليرموك، حيث سيطرت القوات الإسرائيلية على سد سحم الجولان وسد زيزون وأكبر سدود حوض اليرموك، وهو سد منطرة وبحيرة الصمدانية. هذا يشير إلى أن إسرائيل تهدف من عمليتها في حوض اليرموك إلى التحكم بمنابع مياه نهر اليرموك وسد الوحدة المشترك بين سوريا والأردن. 


 وأضاف أبو زيد أن هذه التحركات تأتي في سياق تصريحات سابقة لوزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس الأركان الجديد أيال زامير، الذي قال إن الجيش الإسرائيلي سيسيطر على 15 كم، لكن الهدف الحقيقي هو السيطرة على 60 كم. وهذا يعني أن منطقة التأثير الإسرائيلية تمتد إلى 15 كم، بينما منطقة الاهتمام الاستراتيجي تصل إلى 60 كم من منطقة فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل، والتي تصل إلى محافظة السويداء. 

هذا يتقاطع مع تصريحات نتنياهو الأخيرة خلال تخريج دورة الضباط، حيث دعا إلى خلق منطقة منزوعة السلاح جنوب سوريا واستقبال دروز السويداء للعمل في إسرائيل، مما يؤكد محاولات إسرائيلية لخلق منطقة عازلة جنوب سوريا تضم محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء، بمحاذاة الحدود الأردنية. 

 وأشار أبو زيد إلى أن اسم العملية العسكرية "سهم رشان" يعكس أدبيات صهيونية توسعية، حيث يشير الاسم إلى المنطقة الممتدة من حوران إلى اللجاه وحتى السويداء. هذا يعزز فرضية أن اليمين الإسرائيلي يحاول تطبيق الأدبيات الصهيونية التوسعية في جنوب سوريا باستخدام أدوات عسكرية.  

وأكد أبو زيد أن انعكاسات هذه التحركات العسكرية على الأردن (في حال استمرارها) ستضع الأردن في موقف صعب، حيث يتعرض لضغوط مزدوجة بسبب التواجد العسكري الإسرائيلي جنوب سوريا على الحدود الأردنية، بالإضافة إلى التحركات الإسرائيلية في الضفة الغربية للسيطرة على المنطقة "ج" التي تقع على طول الحدود الأردنية الإسرائيلية. يضاف إلى ذلك محاولة إسرائيل خلق ضغط سياسي على الأردن من خلال السيطرة على موارد حوض اليرموك، مما يهدد بخلق واقع أمني جديد يهدف إلى خنق الأردن مائيًا وأمنيًا، مستغلة الفراغ الجيواستراتيجي في المنطقة.
.