في عالمٍ لا يحترم إلا الأقوياء، يبقى الضعفاء فريسة للوعود الزائفة والعهود التي لا تصمد أمام منطق القوة. كانت أوكرانيا تمتلك ترسانة نووية هائلة، لكنها سلّمت سلاحها النووي عام 1994 بموجب مذكرة بودابست، مقابل ضمانات أمنية من القوى الكبرى. وعندما تعرضت لاجتياح روسي، وجدت نفسها وحيدة، تتقاذفها المصالح الدولية، ولم يحصد شعبها سوى الدعم المشروط والإذعان للإرادات الخارجية.

ما حدث مع أوكرانيا ليس حالة استثنائية، بل هو تكرار لقاعدة تاريخية عاشتها فلسطين لعقود. فمنذ نكبة 1948، انهالت القرارات والمواثيق الدولية التي تزعم حماية الحقوق الفلسطينية، لكنها بقيت حبرًا على ورق. لم تُنفَّذ قرارات الأمم المتحدة، ولم تردع الاتفاقيات الاحتلال عن التوسع والبطش، بل استُخدمت كأدوات ضغط لانتزاع مزيدٍ من التنازلات من الفلسطينيين.

في كل عدوان، يبقى العالم متفرجًا، بل ينحاز للمعتدي. يُجرَّد الفلسطيني من السلاح، ويُحاصر في أرضه، وتُطالب قيادته بالحلول السلمية بينما الاحتلال يفرض وقائع جديدة بقوة السلاح. وإن قاوم الفلسطيني، يُدان ويُصنَّف إرهابيًا، وكأن العدل لا يكون إلا بالاستسلام.

الدرس الواحد: لا أمن بلا قوة
رغم اختلاف السياقات، فإن الحقيقة تظل واحدة: لا حقوق بلا قوة، ولا حماية بدون قدرة على الردع. من يتخلى عن قوته بوعود زائفة، لن يجد من ينصره حين تأتي العاصفة. أوكرانيا دفعت ثمن الثقة في المواثيق الدولية، وفلسطين ما زالت تعاني الاحتلال لأن العالم لا يحترم إلا الأقوياء.

هذا درس لكل أمة تفكر في التفريط بقوتها: من يسلم أمره لغيره، فليكن مستعدًا للخذلان.

 
.