مع كل دورة انتخابية جديدة لنقابة الصحفيين، تتكرر المشاهد ذاتها برامج انتخابية مُزينة بالوعود وشعارات براقة تتحدث عن دعم الصحفيين لكنها تتلاشى فور إعلان النتائج وبينما ينشغل المرشحون بالمنافسة على المناصب يبقى خريجو الإعلام والصحافة في مواجهة واقع صعب يبحثون عن موطئ قدم في المهنة التي حلموا بها ليجدوا الأبواب مغلقة أمامهم سواء في المؤسسات الإعلامية أو في النقابة التي يُفترض أن تكون حاميةً لحقوقهم.
مهنة الصحافة لم تكن يومًا مجرد وظيفة بل هي رسالة حملها الأحرار والمخلصون للمهنة وقد أكد على مكانتها جلالة الملك الراحل الحسين بن طلال حين قال: "إنني أؤمن إيمانًا مطلقًا بحرية الصحافة فهي إحدى الدعائم الأساسية للديمقراطية وحرية الإنسان". ورغم هذا الإيمان العميق فإن كثيرًا من الصحفيين، خاصة المستقلين والخريجين الجدد يجدون أنفسهم خارج إطار الحماية والدعم في ظل غياب سياسات حقيقية تعزز مكانتهم وتمنحهم فرصًا متكافئة. الإعلاميون المستقلون الذين أصبحوا جزءًا أساسيًا من المشهد الإعلامي ما زالوا يُعاملون وكأنهم خارج المنظومة بلا اعتراف رسمي أو حماية قانونية آن الأوان لأن تُفتح أبواب النقابة أمامهم عبر إنشاء عضوية خاصة تمنحهم حق التدريب وتوفر لهم الحماية القانونية وتتيح لهم المشاركة في الفعاليات الإعلامية إن تجاهلهم هو تجاهل لحقيقة الإعلام اليوم الذي لم يعد حكرًا على المؤسسات التقليدية بل أصبح فضاءً واسعًا يشمل الصحفيين الأفراد وأصحاب المنصات المستقلة. الخريجون هم الفئة الأكثر تضررًا إذ يعانون من شُحّ الفرص واحتكار المؤسسات الإعلامية للوظائف بحجة الخبرة بينما تظل الأبواب مفتوحة فقط لمن يملكون العلاقات أو النفوذ
صحفيون اليوم لايردون الوعود، بل إجراءات حقيقية تلزم المؤسسات الصحفية بتخصيص نسبة من كوادرها للخريجين الجدد مع ضمان حصولهم على أجر عادل وفرص تدريب مدفوعة تشرف عليها النقابة لضمان جودتها.
الصحافة ليست شعارات انتخابية، وليست مقاعد يتنافس عليها البعض لمصالح شخصية هي مهنة تحتاج إلى دعم وتشريعات تُطبق على أرض الواقع اليوم الاختبار الحقيقي للمرشحين ليس في قدرتهم على إلقاء الخطب، بل في التزامهم بتغيير هذا الواقع.
هل سنشهد نقابة تعيد الاعتبار للصحفيين المستقلين والخريجين، أم أننا أمام فصل جديد من التكرار والتجاهل؟