من أحمد عبدالستار (تقرير)
الكويت - 1 - 12 (كونا) -- في خضم دلالات التاريخ وخصوصيات الزمان والمكان اختتمت اليوم الأحد أعمال القمة الخليجية الـ 45 لمجلس التعاون لدول الخليج العربية التي احتضنتها دولة الكويت في أعقاب تقارب خليجي متزايد وحراك مكثف خلال الأشهر الماضية في مختلف المحافل الدولية.
لم يكن اجتماع الدورة الـ 45 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية اجتماعا عابرا بل كان عناقا حارا بين أشقاء تجمعهم روابط التاريخ وتحتضنهم امتدادات الجغرافيا وتميزهم وشائج الأخوة ويشد عضدهم الإيمان الراسخ بوحدة الهدف والمصير.
ويشكل تعاضد هذا الجسد الإقليمي النموذجي لوحة فنية فريدة من التلاحم والتآخي عبر العقود بعدما ولد من رحم فكرة بزغ فجرها من دولة الكويت حيث تبناها الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه وامتزجت بإرادة خليجية صلبة مهدت الطريق لمسيرة إنجازات كبيرة وعلاقات تزداد عمقا وتجذرا.
ويجمع قادة دول مجلس التعاون الخليجي منذ القمة الخليجية الأولى التي عقدت في أبوظبي في 25 مايو عام 1981 على أن دعم مسيرة العمل الخليجي المشترك التزام تاريخي ثابت لا تعيقه تقاطعات ولا تباعده مسافات وهو الأمر الذي ارتقى بهذا الكيان إلى مصاف الاتحادات الإقليمية الأكثر فعالية ودفع منجزاته إلى آفاق رحبة في كل المجالات.
ولم يغب عن القمة اليوم استثنائية الحدث وتاريخية التوقيت حيث تشهد المنطقة والعالم تحولات عميقة في ظل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة والتحديات الاقتصادية العالمية التي تشكل في مجملها محفزات إضافية لتعزيز الجهود الراميةالى ترسيخ التعاون الخليجي لحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة.
ومن حفاوة الاستقبال والترحيب المتبادل بين قادة دول المجلس الذين مثلوا بلادهم في اجتماع القمة إلى كلمات المشاركين في أعمالها برز جليا عمق الروابط التاريخية وتجذر العلاقات الأخوية التي تجمع الأشقاء وتحيط بمسيرة المجلس من مختلف الاتجاهات وعلى كل الصعد.
وتجدد الإجماع الخليجي في ثامن القمم الخليجية التي احتضنتها دولة الكويت اليوم على ضرورة المضي قدما في تعزيز منظومة العمل الخليجي المشترك وتمتين روابطها لمواجهة التحديات المحيطة بالمنطقة وتحقيق التطلعات المشتركة.
وأكدت دولة الكويت على ما تمثله القمة من محطة مهمة وفرصة متجددة لمواصلة البناء على ما تحقق من إنجازات والعمل على مواكبة المستجدات الإقليمية والدولية ورسم ملامح مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا للمنطقة تأسيسا واستنادا الى إرث مشترك ورؤية طموحة تعكس تطلعات شعوب الخليج نحو الوحدة والتنمية الشاملة.
ومثلت كلمة حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه في الجلسة الافتتاحية للقمة تجسيدا لمشاعر الأخوة الصادقة التي ظللت اجتماع قادة دول مجلس التعاون المبارك وتدفع مسيرته إلى مزيد من التعاون والتكامل.
وتطرق سمو أمير البلاد إلى ما يعكسه الجمع الخليجي في الكويت من تجسيد مشرف لوحدة الصف علاوة على كونه مثالا مشرقا لقوة الاتحاد والتلاحم والتكامل وانعكاسا دقيقا للايمان الراسخ بضرورة تعزيز وتوحيد العمل الخليجي المشترك.
وإذ شدد سموه على الظروف بالغة التعقيد التي تلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي وتهدد تنمية ورخاء الشعوب الخليجية جاءت دعوة سموه إلى تسريع وتيرة العمل الهادف إلى تحقيق التكامل الاقتصادي الخليجي تعزيزا للبنات صرح مجلس التعاون الشامخ ودفعا لمسيرة خلق اقتصاد خليجي متكامل.
من جهتها أكدت سلطنة عمان دعمها المتواصل لمسيرة مجلس التعاون الخيرة معربة بكل اعتزاز عن تقديرها البالغ لدولة الكويت على ما تبذله من جهود في هذا المسار.
وقال صاحب السمو السيد فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء في سلطنة عمان إن مجلس التعاون حقق منذ تأسيسه منجزات في العديد من المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتشريعية والعلمية وغيرها مما يتطلب بذل المزيد من الجهود حفاظا على تلك المكتسبات وتعزيزا للتعاون والتكامل بين الشعوب الخليجية التي يجمعها التاريخ المشترك.
كما انعكست الروابط الأخوية في طيات تصريح صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بمملكة البحرين الشقيقة لدى وصوله إلى الكويت مترئسا وفد بلاده في اجتماع القمة الخليجية حيث أشاد بالأواصر الأخوية الوثيقة والعلاقات التاريخية المتينة التي تجمع بين البلدين الشقيقين.
وأعرب الأمير سلمان عن اعتزازه بما وصلت إليه العلاقات الكويتية - البحرينية من مستويات متقدمة تعكس الحرص المشترك على تطويرها في جميع المجالات لتحقيق التميز والتكامل المنشود.
ومثلما تجسدت مشاعر الأخوة الصادقة على مستوى القادة كانت تلك المشاعر حاضرة بقوة على مائدة التغطية الإعلامية لأحداث القمة والتي جمعت مجموعة كبيرة من الإعلاميين من مختلف دول العالم لا سيما دول الخليج.
وعبرت التصريحات التي أدلى بها ممثلو الوكالات الخليجية لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) بالمركز الإعلامي المصاحب للقمة عن مشاعر السعادة الغامرة بالاجتماع في دولة الكويت وحفاوة الضيافة والكرم.
وشددوا على أن الشعوب الخليجية أشقاء تربطهم وحدة الدم والمصير مؤكدين ضرورة تعزيز التعاون المشترك بين وكالات الأنباء الخليجية.
ولا تزال جسور المحبة والأخوة والترابط التي تجمع دول مجلس التعاون قادة وشعوبا تمتد لتشكل رافدا مستمرا ومحركا أساسيا لتلاقي المواقف وتقارب الرؤى مدعومة بالإيمان الراسخ بمفهوم العمل الجماعي الذي يمكن دول المجلس من تشكيل قوة إقليمية مؤثرة على المستوى الدولي وباعثة على الاستقرار والأمن في المنطقة.
وبينما تشهد إنجازات العقود الأربعة الماضية على إدراك قادة دول المجلس أن نمو دولهم وازدهارها لا يتحققان إلا في ظل بيئة آمنة ومستقرة وأن التنسيق والتعاون المستمرين في كل المجالات خيار استراتيجي وضعت القمة الخليجية التي اختتمت أعمالها اليوم العمل الخليجي المشترك على أعتاب مرحلة جديدة بطموحات أكبر ورؤية أكثر شمولية. (النهاية)
س ت ا ر